يهم المخرج المغربي محمد مفتكر لعرض فيلمه السينمائي الطويل “خريف التفاح” في صالات السينما الوطنية، بعد أن جاب المهرجانات الوطنية والدولية لأكثر من أربع سنوات، محققاً العديد من الجوائز والتكريمات.
تدور أحداث الفيلم حول طفل في العاشرة من عمره نشأ دون أن يعرف أمه التي اختفت في ظروف غامضة بعد ولادته. يجد نفسه في مواجهة مع والده الذي يرفض الاعتراف به، ويشك في نسبه، معتقداً أنه “ابن الخطيئة”. تتبع القصة محاولة الطفل لفهم الحياة والحب والموت من خلال التحديات والأسئلة التي يطرحها عليه والده.
تم تصوير الفيلم في قرية مغربية وسط الجبال حيث تنمو أشجار التفاح في ساحات البيوت، مما يضيف جمالاً خاصاً للأجواء الريفية التي تحيط بالقصة. يشارك في الفيلم عدد من الوجوه المغربية اللامعة مثل فاطمة خير، سعد تسولي، محمد تسولي، حسن بديدا، وأيوب ليوسفي، وأنس باجودي، بالإضافة إلى الفنانة الراحلة نعيمة المشرقي التي شكل هذا العمل آخر ظهور لها على الشاشة.
حقق الفيلم عدة إنجازات، حيث توّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته الـ21، وفاز بجائزة أفضل تصوير في نفس المهرجان، إضافة إلى الجوائز التي حصل عليها في مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة والمهرجان الدولي للسينما.
ويصف الناقد السينمائي عبد الكريم واكريم فيلم “خريف التفاح” بأنه ينتمي إلى نوعية الأفلام التي تتغلغل في أعماق النفس البشرية، وتطرح أسئلة وجودية عميقة، ولا تسعى لإرضاء الجمهور بالإجابات السهلة. كما يبرز جماليات الصورة التي اختار المخرج من خلالها التعبير عن مشاعر وتناقضات الشخصيات، لتكون جزءاً أساسياً من بناء الفيلم الفني. سيكون “خريف التفاح” فرصة للمشاهدين لاكتشاف فيلم سينمائي يحمل في طياته عمقاً فلسفياً وجمالياً، ويعيد طرح أسئلة حيوية عن الحياة والعلاقات الإنساني.
أشار الناقد السينمائي المغربي إلى أن فيلم “خريف التفاح” يعكس بصمة المخرج محمد مفتكر المميزة، ويأتي بمثابة التكملة الطبيعية لثلاثيته السينمائية التي تتناول إشكالية الأب، مغلقًا بذلك هذه الدائرة التي بدأت في أفلامه السابقة. وفي هذا السياق، استخدم مفتكر الدائرة كرمزية في الفيلم لتعبير عن فكرة الإبداع الذي لا يمكن أن يظل مقيدًا بالمعايير الأكاديمية أو النظريات التوجيهية الجاهزة.
وأكد الناقد أن جماليات وعمق الطرح في “خريف التفاح” تظهر بوضوح أكثر مما كانت عليه في فيلميه السابقين “براق” و”جوق العميين”، حيث يبرز الفيلم عناصر أساسية مثل الرغبة والخطيئة التي تشكلان جوهر العلاقة بين الأب والابن من جهة، وبين الأب والأم من جهة أخرى. وأضاف الناقد أن هذه الثنائيات التي كتبها مفتكر قد تم نسجها بحرفية عالية وعناية، لتشكل نسيجًا قويًا يعكس التوترات النفسية والمعنوية بين شخصيات.
