عادل محمديب باحث في العلوم السياسية
إن المتفحص لمعاهدة مراكش أو المعاصر لها سيدرك بنفس المنسوب والحماسة اشتغال كل القوى الحية للمغرب أنذاك ملكا وأحزابا في بلورة مشروع يلم كل المجهودات من جهة ، وكذا كل القوى الحية في الأطراف الدول الأخرى المنبتقة عن فكرة الإتحاد المغرب العربي، التي سنلتقط من خلال الأن حجم التفاعل الذي سينتظر كل الفاعلين على مستوى الطرف القريب منا الجزائر في إلتقاط هاته الإشارة التي وردت في خطاب الذكرى 22 لتربع عاهل المملكة المغربية على العرش وإعادة إختبارها على طرف مشابه لفكرة ما قبل التأسيس التي بلورة بمدينة طنجة 1958 ضمت ممثلين عن حزب الإستقلال والحزب الدستوري التونسي ،وجبهة التحرير الوطني الجزائري، لتليها بعد الإستقلال محاولات للتعاون والتكامل بين دول المغرب العربي “معاهدة مستغانم بين ليبيا والجزائر ،معاهدة الإخاء والوفاق بين الجزائر وتونس وموريتانيا عام 1983 ،اجتماع قادة المغرب العربي بمدينة زرالدة سنة 1988…”
فمن خلال إستقراء هاته الدعوة الملكية للدولة الجزائرية وللقيادة بالذات إشارة واضحة للنظام الجزائري أن المشكلة بيينا نحن كدولتيين بدون إستتناء، حيت وجه الملك بصفته رئيس الدولة خطاب واضح إلى الرئيس الحالي لدولة الجزائر كإشارة قوية بعيدة عن أي مزايدة أو لمحة لإعطاء الدرس وأنه مشكل بين نظاميين سياسيين كان قائما ولم يعد ممكنا التفكير فيه وتمحيصه بأساليب الماضي ، وأنه لم يعد الإهتمام بمشاكل الماضي وإخظاعها لمنطق المحاكمة، حتى لو أثبتت الإدانة، التي أصبحت من غير المقبول تصنيفها كمحكم لإدارة الدبلوماسية الحالية والتي خدعت بدورها لمقومات تعدت الإيديولوجية الصلبة.
فمن النقاط المشتركة لخطاب الحماسة هذا خطاب العرش لسنة 2021 مع فكرة تأسيس اتحاد مغرب عربي سنة 1989 بمراكش :
* تم نبد جسم غريب فرق بين الجزائر والمغرب، الذي لم يكن مولودا إبان معاهدة مراكش ” نحن لا نريد أن نعاتب أحدا، ولا نعطي الدروس لأحد؛ وإنما نحن إخوة فرق بيننا جسم دخیل، لا مكان له بيننا”.
تحقيق تقدم ورفاهية مجتمعات الإتحاد، هذا ما عبر عنه المضمون الصريح للخطاب الملكي ” فالحدود المغلقة لا تقطع التواصل بين الشعبين، وإنما تساهم في إغلاق العقول، التي تتأثر بما تروج له بعض وسائل الإعلام، من أطروحات مغلوطة، بأن المغاربة يعانون من الفقر، ويعيشون على التهريب والمخدرات.
وبإمكان أي واحد أن يتأكد من عدم صحة هذه الادعاءات، لا سيما أن هناك جالية جزائرية تعيش في بلادنا، وهناك جزائريون من أوروبا، ومن داخل الجزائر، يزورون المغرب، ويعرفون حقيقة الأمور.
*المساهمة في صيانة الأمن والسلام ، هذا ما أشاد به الخطاب الملكي الذي فند كل الأفكار المغلوطة التي تقدم للرأي العام الجزائري ” أما ما يقوله البعض، بأن فتح الحدود لن يجلب للجزائر، أو للمغرب، إلا الشر والمشاكل؛ فهذا غير صحيح. وهذا الخطاب لا يمكن أن يصدقه أحد، خاصة في عصر التواصل والتكنولوجيات الحديثة”.
*تحقيق حرية تنقل الأشخاص وإنتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال، هذا ما يصبو إليه المغرب من منطلق إنفتاحه السياسي والإقتصادي مع بلد شقيق نتقاسم معه كل مقومات المشترك الهوياتي(اللغة،العقيدة الدينية، الجغرافية، تصفية الإستعمار كذالك التي شكلت ملحمة متكاملة لتوحيد الشعبيين ) الممتد على طول البحر الأبيض المتوسط والضارب في عمقه الإفريقي”، نعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها، وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره.
والعكس صحيح، فما يمس المغرب سيؤثر أيضا على الجزائر؛ لأنهما كالجسد الواحد. ذلك أن المغرب والجزائر ، يعانيان معا من مشاكل الهجرة والتهريب والمخدرات ، والاتجار في البشر.
فالعصابات التي تقوم بذلك هي عدونا الحقيقي والمشترك. وإذا عملنا سويا على محاربتها، سنتمكن من الحد من نشاطها ، وتجفيف منابعها”.
*نهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين، هذا ما نص عليه الخطاب الملكي وأسس لفلسفته من خلال هندسة الخطاب في كليته وهو تعزيز دبلوماسية جديدة براغماتية إقتصادية بالأساس تخدم الشعبين وتنعكس على تتمين كل مكونات الرأسمال المادي واللامادي .
إن المغرب من خلال إعادة رسم معالم السياسة الخارجية وفق تحولات جيوستراتيجة، أصبح يتوجه للقارة الإفريقية بلغة مباشرة مفهومة أنه متوجه بأسلوبه الدبلوماسي القاري الذي يخدم كل مقومات الحلول السياسية والإقتصادية الممكن تقاسمها مع دول القارة الأفريقية بما فيها دول المغرب العربي .
وأنه هناك فرصة لا يمكن استداركها قريبة منا نحن شعوب القارة الإفريقية لإختصار المسافة لأجل تأمين حاجياتنا وتأميين سلاسل إنتاج قيمية إفريقية خالصة .
وهذا الإحساس نستشفه من تحركات الملكية المغريية النشيطة الصادقة في إحساسها إتجاه الرجوع كطاكتيك وخيار دبلوماسي ، الذي عبرت عنه في مناسبة خطاب التاريخي لعاهل البلاد أمام المشاركين بالقمة 28 بأديسا بابا، أنه ليس برجوع بقدر ماهو وضع طبيعي للمملكة المغريية التي لم تكن غائبة عن دول إفريقيا ، وهذا ما نسحظره الأن في خطاب العرش أن فتح الحدود بين المغرب والجزائر هو الأصل والوضع الطبيعي بين المغرب والجزائر .