كشفت دراسة أكاديمية حديثة الصدور أن المغرب انخرط في مواكبة مختلف التطورات والتحديات المرتبطة بالمجال السيبراني، سواء على مستوى الانخراط في الاتفاقيات الدولية والإقليمية أو على مستوى إصدار التشريعات الضرورية وبلورة استراتيجية وطنية للأمن السيبراني منذ سنة 2012 للحفاظ على أمنه وبنياته التحتية ومصالحه الاقتصادية والجيوسياسية.
وسجلت الدراسة، المنشورة ضمن العدد الأخير من مجلة “قراءات علمية في الأبحاث والدراسات”، إن “تزايد التهديدات والتحديات المرتبطة بمجال الأمن الرقمي لم يستثن أية دولة تعتمد في أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على شبكة الأنترنيت لرصد ومجابهة المخاطر والتهديدات المستمرة”.
وجاء ضمن فقرات هذه الدراسة الأكاديمية، المعنونة بـ”مكافحة الجريمة السيبرانية بين الجهود الدولية والوطنية”، أن الاستراتيجية المغربية في مجال الأمن السيبراني تبتغي تطوير التعاون في مجال الأمن السيبراني وتنسيق أعمال كل المتدخلين في هذا الموضوع، حيث تم إسناد مهمة الإشراف عليها إلى المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، مع تكليف المديرية نفسها بضمان الرصد التكنولوجي من أجل متابعة الابتكارات في مجال أمن نظم المعلومات وإحداث نظام للرصد والإنذار المتعلقة بالأحداث المحتمل تأثيرها على أنظمة الأمن داخل الدولة”.
وذكّرت الدراسة ذاتها بتصنيف الاتحاد الدولي للاتصالات ITU للمغرب ضمن تقريره الدولي لسنة 2020 في الرتبة الخمسين من بين 188 دولة والرتبة السابعة عربيا، بما يؤكد تحديات يواجهها الأمن السيبراني المغربي “وجب ربحها في قادم الأيام”.
مواصلا التركيز على جوانب التجربة المغربية في ضمان الأمن السبيراني ومكافحة الجريمة الرقمية، بيّن رشيد العدوني، مُعدُّ الدراسة باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، أن المملكة “شاركت في مبادرة “سيبر جنوب” الأوروبية، والخاصة بالتعاون في مجال مكافحة الجرائم السيبرانية مع دول الجوار في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط والذي تم الإعلان عليه رسميا في مارس 2011 بتونس”، لافتا إلى “حصول المغرب على عضوية منتدى فرق الأمن والاستجابة للحوادث”.
كما سجل التعاون المغربي الهندي الثنائي في مجال الأمن الرقمي من خلال توقيع مذكرة تفاهم ثنائية بغرض تبادل الخبرة في مجال تكنولوجيا الأمن السيبراني وتبادل أفضل الممارسات والتكوينات؛ الأمر الذي ينضاف، وفق المصدر ذاته، إلى احتضان المغرب ندوة لقيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا “أفريكوم” حول تيمة الاتصالات والأنظمة المعلوماتية والأمن السيبراني في غشت 2021 وشارك ضمنها مسؤولون عسكريون من 20 دولة أفريقية”.
وجاء ضمن الوثيقة سالفة الذكر أن “المنظومة التشريعية المغربية تعززت بانضمام المغرب إلى اتفاقية بودابيست في سنة 2018، بما يشكل دليلا على السياسة الاستباقية للمملكة وانخراطها في المجهودات الدولية الرامية إلى منع الجريمة وإرادتها الراسخة لتقوية التعاون الدولي من أجل ذلك؛ وهو ما ينضاف بالأساس إلى دخول حيز التنفيذ القانون رقم 46.13 المتعلق بالمصادقة على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات”.
و أشار رشيد العدوني، من هذا المنطلق، إلى أن “المشرع المغربي استحضر روح الاتفاقية الأوروبية حول الإجرام المعلوماتي عند وضعه للباب العاشر من الجزء الأول من الكتاب الثالث من موسوعة القانون الجنائي، في وقت تطرق القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب إلى إمكانية ارتكاب أفعال إرهابية عن طريق المعالجة الآلية للمعطيات”.
ولفت مُعدُّ الدراسة سالفة الذكر كذلك إلى إصدار القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي في سنة 2008، ثم الإشارة إلى الحماية الجنائية للمصنفات الرقمية في إطار القانون المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة رقم 34.05.
وواصل الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، ضمن هذه الدراسة الأكاديمية، أن المغرب أصدر، استكمالا لهذه الترسانة التشريعية، القانون رقم 05.20 المتعلق بالأمن السيبراني والذي يحمي النظم والشبكات المعلوماتية الخاصة بالمؤسسات ومستغلي الشبكات العامة للمواصلات ومزودي خدمات الأنترنيت.