مما لا شك فيه أنه في بلدنا هذا أو في أي بلد آخر لابد أن نسمع عن منصب “رئيس جماعة” طبعا بصرف النظر عن اختلاف الثقافات و البيئة و المحيط الإجتماعي و النظام السياسي المطبق في كل بلد .
” رئيس الجماعة” هذا إذا ما عدنا به إلى الوراء ووقفنا به خصيصا عند تلك الوهلة الأولى من صدور قرار تعيينه و تسلم منصبه، بالضبط تلك اللحظات الخام و ما يعتريها من حماس و غبطة تجعل لسان صاحبها يتفوه بعشرات الأقاويل الكاذبة و بمئات بل و بآلاف الوعود الزائفة التي يستحيل أن تفعل على أرض الواقع و ستبقى حبيسة الشفة و اللسان .
و كما نرى اليوم و رأينا بالأمس و ربما سنرى غدا و في أيام قادمة أن صاحب هذا المنصب أضحى متهما بالتقصير و التسيب و التلاعب و الإستهتار بمصالح الناس و بمتطلباتهم و التفريط بالثقة الممنوحة من قبلهم، فما مدى أهمية هذا المنصب و هاته الرتبة التي تجعل صاحبها حبيس قفص الإتهام دوما، حاملا على ياقته صفة الشخصية المتلاعبة و الغير كفؤ على الإطلاق .
هذه الإتهامات طبعا لم تأتي من فراغ يكفي أن نقف لبرهة أمام المقر المخصص للجماعة و لنلتقط ملامح لأسى و اليأس و الإحباط المرسومة على وجوه المواطنين و المواطنات اللذين أنهكهم التماطل و التأخير و التأجيل لتسيير مصالحهم و شؤونهم من طرف الموظفين و الموظفات اه عفواااا أقصد الخادمين و الخادمات فهذا هو الواقع الذي من المفترض أن يتحقق هم مجرد خدم مسخر لخدمة الصالح العام لا أكثر و لا أقل، فبربكم ما مدى أهمية عملهم هذا الذي لا يتعدى بضع توقيعات روتينية عادية لا تأخذ من وقت صاحبها إلا بضع دقائق و لكن طبعا هم يفضلون المماطلة لأيام و لأسابيع و ربما لشهور، يتلذذون بالعزف على أوتار صبر الناس و مدى قدرتهم على التحمل والصمود .
طبعا لا يمكن لنا أن نستغرب هذه السلوكات الوظيفية الشاذة من طرف الأعوان عديمي الحس و الإحساس، ما دام الرئيس بحد ذاته لا يبدأ العمل عنده إلا بعد حلول العاشرة او الحادية عشر صباحا طبعا هذا إن كلف نفسه عناء الحضور، فنوم و راحة سيادته أهم بكثير، لينام هو و لتنم أيضا آمال الناس و انتظاراتهم، و إن تكرم و شرف بالمجيئ يبدأ في عقد إجتماع تلو الآخر…فبربك ما فائدة هذه الإجتماعات إذا لم تكن مسخرة لخدمة المواطن .
دون أن ننسى الإشارة الى الراحة التي يلتمسها في مكتبه فهو طبعا يختار لنفسه مكانا فسيحا مريحا مأثثا بأفخر أنواع الأخشاب و الموبيليا و مضاءا بأجود أصناف الإضاءات و المصابيح، يتلذذ بدفئ “الشوفاج” شتاءا و ببرودة المكيف الناعم صيفا بينما المكاتب و الفضاءات التي لها علاقة بمصالح المواطن فإلى الجحيم، حرصا منه على إغاظة هذا الأخير و ملئ قلبه بالحقد على مسؤولي الدولة بل و على الدولة ككل .
على كل حال ما هذه إلا مقدمة لم يترك لي أصحاب هذا المنصب مجالا لمدحهم و سبب هذا بالإضافة إلى كل الأسباب السالفة الذكر أنه بمجرد تسلمهم لهذا المنصب ترد مئات التظلمات و الشكاوى في حقهم و إن ترك المجال مفتوحا قد ترفع ضدهم عشرات القضايا و الدعاوى كلها تؤكد بشكل مباشر وغير مباشر أن متقلد هذا المنصب هو مسؤول فاشل و إداري متسيب، لاهم له إلا أن يقبض رواتبه و تعويضاته و حوافزه و أذون سفره و الإستمتاع بأيام راحته و عطله، ضاربا عرض الحائط بآمال الناس، صام الأذنين عن همساتهم، صرخاتهم، شكواهم، نجواهم، شجونهم، شؤونهم…فهل يظن الرئيس أن منصبه هذا تشريف و تكريم لشخصه أم تكليف لخدمة الشأن العام و هل غاب عن ذهنه أن في منصبه هذا مهما علا و كبر سيظل مجرد خادم متواضع مسخر لخدمة الوطن و المواطنين .
كلماتي و عباراتي هذه لم تكن موجهة لمسؤول معين أو لشخصية معينة بل هو كلام موجه لجميع أصحاب الكراسي الذين ينسون أنهم أصحاب مهمة لا أصحاب سلطة اللذين تغريهم ضخامة المكتب و الكرسي و الراتب الشهري و البدلات الرسمية إليهم أوجه قلمي و أطرح السؤال التالي ما السبب في نظركم الذي يجعل الفساد يدب في البلاد !!! لا داعي للتفكير مطولا و دعوني لأجيبكم السبب هو “تعيين الشخص الغير مناسب في المكان المناسب” و صفوة القول البحث سيبقى دائما متواصل وراء مسؤول حقيقي ليس عليه ممسك واحد لا من حيث الأمانة أو الإستقامة و لا من حيث السلوك الوظيفي، يبقى أرشيفه ناصع البياض لا تشوبه شائبة و سيطه عطر والرضا عنه في أوساط المواطنين و المواطنات دائما محقق .
اعلان
اعلان
اعلان