يعيش العالم برمته اليوم حربا ضد فيروس قاتل،هو ٠كوفيد-19، أدى إلى انبثاق أزمة حادة على مختلف المجالات والقطاعات الاقتصادية والسياسية والصحية والاجتماعية.. إلا أنه ومن جهة أخرى أثر إيجابيا على العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وقيم الترابط والتضامن بينهم.
أوضح فهد التازي، معالج نفسي وكوتش، في حوار مع منبر 24، أن الأزمة التي نعيشها اليوم وما فرضته من تطبيق للحجر الصحي تؤثر بشكل مباشر، وبدرجة أولى، على أفراد المجتمع، إذ يمكن أن تخلق، و”خلقت فعليا”، لديهم عدة مشاكل نفسية، أولهاالهلع والتوثر والعزلة “فالخوف من الغذ والخوف من المجهول ومن المستقبل يجعل الإنسان ينكمش على ذاته وينعزل”.
وأضاف التازي أن الظرفية الراهنة قد تسبب أيضا لدى الأفراد قلقا مزمنا، كونهم أصبحوا يعانون من الخوف من القادم بسبب الافتقار لصورة واضحة للمستقبل، وعدم معرفة ما قد تؤول إليه انعكاسات هذه الأزمة على الأوضاع الاقتصادية وعلى الحياة عموما بعد انقضاءها، خاصة بعد توقف أعمال الكثير من الناس وفقدان آخرين لوظائفهم.
كما أبرز المتحدث أن هذا الحجر الصحي، ومع إلغاء الزيارات والتجمعات، قد خلق لدى كل فرد خوفا وقلقا على الأقارب والعائلة والأصدقاء، ما سيبين أكثر أهمية العلاقات الاجتماعية، مؤكدا على الحاجة النفسية لدى الانسان والتي “يتحتم عليه إشباعها وإلا ستتحول لسلوك سلبي”.
وأكد أن ما نعيشه اليوم أثر إيجابا على العلاقات الاجتماعية بين الأفراد كون “هذا الحجر أكسب عددا من الناس- الذين كانوا مجبرين من قبل على الخروج للعمل فأصبحوا اليوم يتوفرون على إمكانية العمل عن بعد أو تم توقيفهم عن العمل- الوقت الكافي للتفكير في أصدقائهم وفي علاقاتهم وأقاربهم فأصبحوا يتواصلون معهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكثر من ذي قبل”.
وشدد التازي على أن الأفراد الذين سيستطيعون الخروج من هذه الجائحة بأقل الأضرار سيدركون أكثر أهمية العلاقات الاجتماعية”، متوقعا أنهم سيحافظون عليها ويطورونها أكثر.
ومن جهة أخرى، سطر الدكتور على أن الأزمة الحالية قد تخلق تقوقعا على الذات لدى الأفراد “الحساسين” الذين لديهم القابلية على الإصابة ببعض الأمراض والاضطرابات النفسية والسلوكية، فيطور لديهم حدة القلق والتوثر ويبدؤون بالانسحاب من التفكير في الجائحة، عوض تطوير أهدافهم والتفكير في المستقبل.
وفي هذا الصدد، اعتبر عبارة “الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي”، التي يتم استعمالها للإحالة على تدابير الوقاية من تفشي فيروس كورونا المستجد، خاطئة وأنه من الأفضل استعمال عبارة “التباعد الجسدي”، كون مصطلح “التباعد الاجتماعي” قد يسقطنا في تأثر العلاقة الاجتماعية بين الناس، “وليس هذا هو الإيحاء الذي نريد أن نقدمه فالإيحاء هو أننا متباعدون جسديا لكن نحن متضامنون وملتحمون نتواصل عبر وسائط التواصل الرقمي”.