زلزال الحوز..السياسات العمومية نحو التخطيط الاستراتيجي والتنمية الشاملة والعدالة المجالية
بقلم الدكتورة سليمة فراجي
الزلزال الذي عرفه المغرب مؤخرا يجعلنا نثير مسألة توجه السياسات العمومية نحو التخطيط الاستراتيجي والتنمية الشاملة والعدالة المجالية لكن لا ننسى سن او مراجعة او تعديل بعض القوانين ، منها الجمع بين مهام الوظيفة الحكومية ورئاسة مجلس جماعة ، المعتبر ثغرة قانونية موجبة لتعديل المادة 32 من القانون التنظيمي065.13
فالقراءة المتأنية للقانون التنظيمي 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير
اشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها ، هذا القانون التنظيمي تم تمريره على المقاس انذاك لوجود ثلاث وزراء يترأسون مجالس جماعات ، على اعتبار انه اذا نصت المادة 32 المذكورة على تنافي الوظيفة الحكومية مع العضوية في احد مجلسي البرلمان ، ومع منصب مسؤول عن مؤسسة عمومية او مقاولة عمومية ، ومع رئاسة مجلس جهة ،فالمفروض إذن ان تتنافى كذلك مع رئاسة جماعة ، لا ان تنص على اكثر من رئاسة واحدةلغرفة مهنيةاو لمجلس جماعةاو مجلس عمالة او اقليم او مجلس مقاطعة او مجموعة تؤسسها ترابية
علما ان المادة التي نصت على التنافي مع رئاسة مجلس جهة في الوقت ا الذي اضافت عبارة : اكثر من رئاسة واحدة لغرفة مهنية او لمجلس جماعة ،تكون قد أفرغت النص من محتواه لتفسح المجال للجمع بين مهام الوزير ورئيس مجلس جماعي ،والحال ان الاختصاصات التي يمنحها القانون التنظيمي للجماعات هي اختصاصات متشعبة وتتطلب التفرغ للشأن المحلي والتواصل مع الساكنة ومختلف الإدارات والمصالح والسلطة المحلية، ولا تسمح بمهام اخرى خارج الجماعة الترابية خصوصا الوظيفة الحكومية التي تتطلب التواجد في العاصمة و المشاركة في اشغال مجلس النواب ومجلس المستشارين كلما تعلق الامر بتقديم ومناقشة مشاريع ومقترحات القوانين ، والمشاركة في في اجتماعات وجلسات تقديم التعديلات في شأنها والتصويت عليها، وكذا عند تقديم اجوبة الحكومة على أسئلة النواب او المستشارين او حضور اجتماعات اللجان البرلمانية طبقا للمادة 24من القانون التنظيمي المشار اليه أعلاه ، اضافة طبعا الى الصلاحيات المتعلقة بتنفيذ السياسة الحكومية في القطاعات المكلفين بها ، وحضور مجلس الحكومة الذي يعقد مرة في الاسبوع على الأقل
نستنتج من ذلك ان التنافي المنصوص عليه بخصوص الوظيفة الحكومية ورئاسة مجلس جهة كان ينبغي ان يمتد الى رئاسة مجلس جماعة لا ان تورد المادة 32 عبارة : اكثر من رئاسة واحدة ، خصوصا وان رئاسة مجلس جماعي تتنافى مع العضوية في البرلمان اذا تعدى عدد السكان300000 ومن باب أولى ان تتنافى رئاسة مجلس جماعة مع الوظيفة الحكومية التي تتطلب التفرغ في اطار الصلاحيات والاستقرار بالعاصمة
ولعل رفض التعديل بخصوص القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات خلال الولاية البرلمانية السابقة ليس له اي مبرر وانه يتعين تعديل هذه المقتضيات و النص على التنافي بين الوظيفة الحكومية ورئاسة مجالس الجماعات على غرار التنافي مع رئاسة مجالس الجهات والعضوية في البرلمان اذ تتنافى صفة البرلماني مع رئيس جماعة يتعدى سكانها 300000
التنافي آلية من الآليات التي تمكن من العقلنة و توزيع المهام و التفرغ للقيام بالصلاحيات المنوطة بالمنتخب من جهة والموظف الحكومي من جهة اخرى بدل تشرذم المهام وتداخل الاختصاصات المؤدية الى الارتباك وعدم تحقيق النتائج المتوخاة
ولعل الزلزال الاخير ابان عن تداخل المهام وعدم القيام بها على الشكل المطلوب ، كما ان اعادة التأهيل واعادة الاعمار كلها امور تتطلب تفرغ مسؤول للمهام المسندة اليه ، لا تجميع الاختصاصات في حوزة مسؤول واحد وكأن المغرب يفتقر الى الكفاءات العالية ورجالات المرحلة !