بقلم رشيد حمزاوي
اليوم 29 يونيو الفارط ، الساعة التاسعة صباحا، الوجهة مدينة الألفية لحضور إجتماع إداري. ما إن دخلت المدينة عبر السيارة من جهة الغرب ، حتى تفاجأت بطوابير و مجموعات من المراهقين بألوان حمراء و أخرى خضراء،متوجهة صوب الملعب الشرفي لحضور أطوار مباراة المولودية الوجدية ضد فريق الوداد البيضاوي برسم الدورة ماقبل الاخيرة من البطولة الوطنية لكرة القدم . ينتابك خوف داخلي من هذا الكم الهائل من القوة المندفعة الغير الناضجة. مررت بسلام فالأمور فعلا ” خرجت سلامات”. في الظهيرة تفاديت تجمعات المراهقين قرب الملعب في طريقي الى منزلي . لكن في المساء بعد نهاية المباراة تكهرب الجو. حاولت خاطئا سلوك طريق آمن لتوقفني مجموعة صغيرة في ملتقى طرق حاملين الأحجار ليخاطني احد المراهقين قائلا: ” فين غادي ، فين غادي.راهم تما الوداد، الوداد .عنداك يضربولك الطوموبيل” .في تلك اللحظة نافست مايكل شوماخر في عملية القيام بنصف الدورة demi-tour لأخر هاربا عساي النجاة بجلدي و بسيارتي الشخصية، رغم أن حجرة كبيرة سقطت من القرب مني. حقيقة، فجأتي كانت كبيرة عندما تصفحت وسائل التواصل الإجتماعي، و رأيت الكم الهائل من صور العنف المتمثل في تكسير زجاج السيارات و واجهات المباني وتبادل الرشق بالأحجار….الخ. و تساءلت عن الأسباب الكامنة وراء هذه الرعونة لأطفال متعطشين إلى العنف، والتي يمكن أن نسرد بعضا منها:
1- هيمنة ثقافة العنف في النسق الإجتماعي المغربي تغديها أدوات التأطير و عوامل التنشئة الاجتماعية التي تتعايش مع العنف و تعيد انتاجه .
2- نقص/غياب آليات التأطير المدني والسياسي و الرياضي لكتلة كبيرة من الشباب، يمكنها ان تستوعب ذلك الفوران لتصرفه إلى مجهود عضلي او فكري أو عمل اجتماعي أو خيري أو الانتماء الى بنية مدنية او سياسبة …..الخ .
3- الدور السلبي للصورة الحاملة لبذور العنف في عهد العولمة جعلت المراهقين يتعايشون معه ويعتبرونه سلوكا عاديا.
4 – منذ سنوات و انا أعتقد أن مشجعي فريق الوداد البيضاوي هم أبناء الطبقة الوسطى، هذه الطبقة المعروفة عالميا بنشرها للقيم العقلانية و الحضارية و الجمالية، لقد تبين لي مما لا يدع مجالا للشك أن ثقافة العنف غزت كل الطبقات، و هي إشكالية بنيوية تحتاج إلى عمليات قيصرية لإيجاد الحلول لشباب “مؤهل” للعنف قد يكون لقمة سائغة ليؤطر من طرف الإيديولوجيات المتطرفة.
إن إشكالية العنف المرتبط بالفعل الرياضي أضحت تؤرق الكل، فالساكنة و اصحاب المحلات و المقاهي المجاورة للملعب الشرفي احسوا بالخوف على ممتلكاتهم من هؤلاء المراهقين. فإذا كان إسم الوداد قد استلهم من فيلم ” وداد” الذي قامت ببطولته السيدة أم كلثوم سنة 1937, فإن ” الست” نفسها غنت ذات يوم ” للصبر حدود” ، و اتمنى من المغنية ” زينة الداودية” أن تدخل تعديلات على أغنيتها الشهيرة ” واك واك ” لتضيف إليها ” واك واك آ عباد الله العنف يزحف ” .