
بقلم عبدالرزاق زيتوني
في الأصل، عيد الأضحى شعيرة دينية عظيمة، تجسّد معاني التضحية والطاعة والتقرب من الله، وتُذكّر المؤمنين بقصة سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام، وهي مناسبة يغمرها الإيمان والرحمة والتكافل.
لكن مع مرور الزمن، تحوّل هذا العيد من عبادة إلى عادة، ومن قربى إلى مظاهر اجتماعية وبحث عن التباهي. أصبح كثير من الناس يُكلّفون أنفسهم ما لا يطيقون، فقط من أجل الحفاظ على المظهر أمام الجيران أو العائلة، ولو استدانوا أو باعوا أغراضهم من أجل شراء أضحية تفوق طاقتهم.
التضحية التي كان يُراد بها نيل رضا الله، أصبحت في كثير من الأحيان وسيلة للمفاخرة، وصار البعض يعتبر الأضحية واجبًا اجتماعيًا بدل أن تكون سنة مؤكدة لمن استطاع إليها سبيلا. فتجد الأب يضغط على نفسه، ورب الأسرة يُقترض من أجل “حولي كبير”، والهدف في النهاية ليس نيل الأجر، بل إسكات الألسن.
هذا الانحراف عن جوهر العيد يُفقده معناه الروحي، ويجعل من المناسبة عبئًا بدل أن تكون فرحة. وبدل أن يكون العيد لحظة قرب من الله ومناسبة لنشر الرحمة بين الفقراء والمحتاجين، صار سببًا للتوتر والديون والضغط النفسي، بل وحتى للمظاهر الزائفة.
لقد آن الأوان لإعادة النظر في علاقتنا بهذه المناسبة، وفهم أن الدين يُسر، وأن الله لا يُكلّف نفسًا إلا وسعها، وأن أفضل القربات ما كان خالصًا لله، لا لما تراه أعين الناس.