
أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، خلال مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية، على أهمية ضمان سرية المحاضر القضائية، محذرا من تأثير التسابق الإعلامي على القضايا المعروضة أمام القضاء. وأوضح أن نشر المحاضر قبل المتابعة أو أثناء التحقيق يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي، مشددا على ضرورة تجنب أن تصبح القضايا موضوعا لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، مما قد يؤدي إلى خلق اضطراب اجتماعي وتغيير الرأي العام.
وفي رده على نواب برلمانيين أبدوا مخاوفهم بشأن تأثير الإعلام على سير القضايا، أكد وهبي أن النيابة العامة لها الحق في التواصل مع الرأي العام في بعض الحالات، لكن ضمن حدود تضمن عدم التأثير على سير التحقيقات. وذكر الوزير أن القضايا التي تثير اهتمام الرأي العام يجب أن يتم تناولها بحذر، موضحا أنه في بعض الحالات، مثل حادثة قتل الطفل في طنجة، وقع تضخيم للأمور في وسائل الإعلام قبل أن يتم التوصل إلى الحقيقة وتوضيح الموقف القانوني بشكل رسمي.
كما تناول الوزير مسألة “إعادة تمثيل الجريمة” التي يمكن أن تؤثر على سمعة المشتبه بهم قبل الوصول إلى الحكم النهائي، مشددا على ضرورة الموازنة بين الحق في الوصول إلى الحقيقة وحماية حقوق الأفراد من التشهير. وأكد وهبي أن مشروع قانون المسطرة الجنائية يضمن حرية النيابة العامة في اتخاذ الإجراءات اللازمة ولكن مع الحفاظ على السرية وحمايتها.
كما تطرق الوزير إلى دور المحامين في هذه القضية، موضحا أن المحامي من حقه التوضيح والتعبير عن موقف موكله، بينما يظل القاضي طرفا محايدا في المسألة. وفي ختام حديثه، أكد وهبي أن مشروع المسطرة الجنائية يهدف إلى تعزيز العدالة والحفاظ على حقوق الأفراد عبر تفعيل الإجراءات اللازمة بما يتوافق مع القوانين المعمول بها.
وأكد وهبي، أن هناك العديد من قضاة النيابة العامة في المحاكم الذين خضعوا لدورات تكوينية تتعلق بإصدار التصريحات الصحفية. وأوضح الوزير أن عدم الحفاظ على سرية التحقيقات يمكن أن يؤدي إلى مخاطر جسيمة، حيث قد يساهم في التأثير على الرأي العام وتضخيم القضايا البسيطة، مما يخلق إشكاليات كبيرة رغم أن الواقعة قد تكون غير معقدة.
كما أشار وهبي إلى أهمية إعادة تمثيل الجرائم في تحقيقات الشرطة، مذكرا بحالة معينة تم فيها اكتشاف أن المحضر كان يتضمن تفاصيل غير دقيقة، حيث كان يعتقد أن شخصًا واحدًا فقط كان متورطًا في الجريمة، لكن بعد إعادة تمثيل الجريمة تبين أن الأمر يتطلب خمسة أشخاص. وبالتالي تم تبرئة الشخص المعني بعد اكتشاف براءته. ومع ذلك، شدد الوزير على أن إعادة تمثيل الجرائم يجب أن تتم بعناية، وألا يتم عرض المتهم أو تصويره في الأماكن العامة أو استعراضه على أنه الجاني.
وفي هذا السياق، نصت المادة 16 من المسطرة الجنائية على السماح للنيابة العامة بإطلاع الرأي العام على القضايا والإجراءات المتخذة، بشرط ألا يتم تقييم الاتهامات الموجهة للمشتبه بهم. كما أن النيابة العامة يمكنها السماح للشرطة القضائية بنشر بلاغات حول القضايا دون الكشف عن هويات المشتبه فيهم أو المساس بحياتهم الخاصة، بما يتماشى مع الحفاظ على حقوق الأفراد وخصوصياتهم.