تسعى جهة الدار البيضاء سطات إلى تحقيق نقلة نوعية في بنيتها التحتية اللوجيستيكية، عبر إحداث أكبر منطقة لوجيستيكية على مستوى إقليم النواصر، وذلك في إطار استعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 لكرة القدم. المشروع، الذي يهدف إلى تعزيز القطاع اللوجيستيكي في المنطقة، بدأ تنفيذه بشكل جاد من خلال العديد من الإجراءات التي اتخذتها السلطات المحلية.
وتتضمن أولى خطوات تنفيذ هذا المشروع الضخم، الذي يمتد على مساحة 70 هكتارا، إخلاء العقارات التي كانت تحت إشراف مجموعة من القاطنين المحليين، وذلك استعدادًا لإنشاء المنطقة اللوجيستيكية. وقد تم تحديد ميزانية المشروع بحوالي 550 مليون درهم، حيث سيشكل نقطة انطلاق لتحفيز الاقتصاد المحلي في جهة الدار البيضاء سطات، فضلاً عن تعزيز البنية التحتية في هذه المنطقة الصناعية الحيوية.
تم عرض مشروع المنطقة اللوجيستيكية على مجلس جهة الدار البيضاء سطات، الذي صادق عليه في الدورة الاستثنائية التي انعقدت يوم الخميس الماضي. وقد أكد المسؤولون أن هذا المشروع سيتكامل مع عدد من المشاريع الأخرى التي ستنفذ في المناطق المجاورة مثل زناتة بالمحمدية، ولغديرة بالجديدة، وحد السوالم ببرشيد، التي تهدف إلى خلق تجمعات صناعية مماثلة لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز النشاط التجاري في الجهة.
يُعتبر هذا المشروع مثالاً حياً على التعاون بين مختلف الأطراف المعنية. حيث يتم تنفيذه في إطار اتفاقية شراكة بين وزارة النقل واللوجيستيك، وولاية جهة الدار البيضاء سطات، مجلس جهة الدار البيضاء سطات، الوكالة الحضرية للدار البيضاء، إقليم النواصر، مجلس جماعة أولاد صالح، الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب. هذه الشراكة تؤكد حرص جميع الأطراف على إنجاح المشروع ودعمه بالنواحي اللازمة.
من المتوقع أن يحقق المشروع العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لسكان الجهة. فهو يساهم في خلق حوالي 1400 فرصة عمل مباشرة، كما أنه يفتح المجال للاستثمارات التي قد تصل إلى 1700 مليون درهم. هذه الاستثمارات ستكون دفعة كبيرة لاقتصاد الجهة، خاصة في مجالات النقل، التجارة، والتوزيع اللوجيستيكي، بالإضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية للمنطقة في السوق الدولية.
إلا أن المشروع يواجه بعض التحديات على المستوى المحلي، خاصة في جماعة أولاد صالح. حيث أعرب عدد من السكان المحليين عن رفضهم مغادرة ممتلكاتهم، وهو ما أدى إلى حالة من الغليان في المنطقة. في هذا السياق، بدأ بعض السكان، الذين تم إخبارهم بضرورة هدم منازلهم، في البدء بالفعل في هدمها على أمل الحصول على تعويضات عادلة. يتوقع أن يتم تسليم هذه التعويضات في القريب العاجل.
وفيما يخص مسألة التعويضات، فقد تم تحديد ثمن تفويت العقار لفائدة الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية في البداية بمبلغ 130 درهمًا للمتر المربع. ولكن، بعد تدخل مسؤولي جماعة أولاد صالح، تم رفع هذا المبلغ إلى 200 درهم للمتر المربع. كما طالبت جماعة أولاد صالح في دورة سابقة لها بإعادة النظر في الثمن الخاص بالتعويض، وتوفير سكن بديل للسكان المتضررين. وقد تم إلزام الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية بتقديم تعويضات شاملة تشمل مبلغ 2000 درهم للمتر المربع عن الأضرار السطحية، بالإضافة إلى 1000 درهم عن البنايات القصديرية، علاوة على تعويضات أخرى عن الأشجار المزروعة والأراضي الزراعية المتضررة.
يأتي هذا المشروع في إطار السعي إلى تحسين وتطوير البنية التحتية للمنطقة، بالإضافة إلى تلبية احتياجات سوق العمل والتجارة الوطنية والدولية. كما يهدف إلى تحسين القدرة التنافسية للمملكة في مجالات اللوجيستيك والنقل التجاري، مما يعزز من مكانتها كمحور مهم للتجارة بين أوروبا وإفريقيا. هذا المشروع سيشكل خطوة مهمة نحو تعزيز النشاط الاقتصادي على مستوى جهة الدار البيضاء سطات، ويسهم في تحقيق رؤية المملكة لتنمية مستدامة عبر تهيئة مناطق صناعية ولوجيستيكية على مستوى مختلف المناطق الحيوية في البلاد.