منبر 24
في عمله القصصي الجديد “مملكة الحروف”، يأخذ الكاتب شعيب البطار القارئ، صغيرًا كان أم كبيرًا، في رحلة ممتعة إلى عالم تتجسد فيه الحروف ككائنات حية تنبض بالحياة والمشاعر، وتروي حكايات تغذي الخيال وتعزز حب اللغة العربية في زمن تراجعت فيه الكلمة أمام زحف الصورة.
المجموعة القصصية، التي تقدم قصصًا تربوية بأسلوب فني مشوّق، تفتح أبوابًا جديدة للتفكير في اللغة، لا كوسيلة للتواصل فقط، بل كمساحة للتأمل والفهم وإعادة اكتشاف الذات. في “مملكة الحروف”، تصبح المغامرة وسيلة لتعليم القيم بطريقة غير مباشرة، حيث نجد في كل قصة بعدًا إنسانيًا وفلسفيًا يغذي عقول الصغار ويوقظ في الكبار بقايا الطفولة التي لم تنطفئ بعد.
من خلال قصص مثل “الغراب” و”حصان بين عالمين”، يعيد البطار طرح أسئلة وجودية عميقة بطريقة مبسطة، تتعلق بالثقة، والقناعة، والانتماء، والجمال، والتوازن بين الحلم والواقع. هذه القصص لا تُلقّن القيم بل تحفّز القارئ على عيشها وتجربتها من داخله.
أما في قصص “في قلب لوحة” و”همسة عتاب”، فترتقي اللغة من مجرد سرد إلى لحظة كشف، حيث يتداخل الفن بالحكمة، والتواضع بالقوة، ويُصبح التغيير مشروعًا يبدأ من الذات. الحروف هنا ليست رموزًا صامتة، بل أصواتًا داخلية تدعونا لنكون نُسخًا فريدة من أنفسنا، لا مجرد انعكاسات لغيرنا.
“مملكة الحروف” ليست فقط كتابًا يُقرأ، بل تجربة تُعاش، ورسالة تؤكد أن اللغة لا تزال تملك سحرها، وأن القصة الجيدة قادرة على تشكيل وعي جديد، وعلى ربط الأجيال بجمال الحرف وقدرته على التغيير.
