اعلان
اعلان
مجتمع

من البصري إلى البصريين الجدد: النخب الانتهازية بين وهم الخلود وسيناريوهات الزوال

اعلان
اعلان

مصطفى المنوزي

  1. مدخل: زمن البصري… ذاكرة لا تموت
    لا يمكن لمن عاش المرحلة أن ينسى وقع سلطة إدريس البصري وزبانيته، التي لم تكن مجرد امتداد لنظام التحكم، بل جسدت نموذجًا مكتمل الأركان لمنظومة “الطاعة مقابل الامتياز”. بدا لنا آنذاك أن نهايته لن تتحقق إلا بـ”انقلاب على أسياده”، كما حصل مع أوفقير الذي لحس يد المخزن حتى اشتدت عليه، أو من أعقبوه من البصريين الجدد الذين لبسوا جبة الديمقراطية وانتهوا في حضن السلطة.
    هذه التجربة خلقت ذاكرة سياسية سلبية حول النخب، خصوصًا اليمينية الانتهازية التي كانت تتمسح بالأحزاب التقدمية، وتستثمر في الريع السياسي، متوهمة أن السلطة مكافأة دائمة لمن أحسن الاصطفاف والانبطاح.
  2. أبدية الكرسي: وهم لا يصمد أمام منطق الزمن
    اليوم، يتكرّر المشهد لكن بنُسَخ مشوهة: نخب جديدة، بنفس السلوك الانتهازي، تتوهم أن القواعد لم تتغير، وأن “منطق البقاء للأدهى” ما يزال صالحًا. لكن هذه النخب تتغافل عن قاعدة تاريخية وفلسفية عميقة:
    “Non bis in idem” – لا تكرار في نفس الشيء.
    العالم تغير، والمجتمع تغير، وحتى تقنيات التحكم تغيرت. لكن نخب “الزرادية السياسية” لا تزال تشتغل بمنطق “خدمة المخزن شرط للبقاء”، في حين أن الزمن أصبح مفككًا، شبكيًا، متعدد الأصوات، لا يسمح للسلطة أن تحتكر السردية.
  3. ثلاثة سيناريوهات لمآل هذه النخب: تفكير نقدي توقعي
    انطلاقًا من منهجية التفكير النقدي التوقعي، يمكن بلورة ثلاث فرضيات لمآلات هذه النخب الريعية:
    أ. السيناريو الاستمراري المعدل
    تستمر المنظومة، لكن مع تغييرات شكلية:
    تعيينات جديدة تغلّف الاستمرارية بلغة الإصلاح.
    إعادة تدوير النخب الانتهازية تحت مسميات “الكفاءة” أو “الجهوية”.
    لكنه سيناريو هشّ، لأنه يعمّق فقدان الثقة.
    ب. السيناريو التحولي الناعم
    قد تفرض التحولات الاجتماعية والدولية:
    إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والنخب.
    صعود جيل جديد من الفاعلين غير المؤدلجين.
    تحجيم دور الوسطاء الريعيين لصالح التشاركية المؤسسية.
    ج. السيناريو الصدمي
    في حالة تراكم الاحتقان:
    قد تقع قطيعة رمزية أو سياسية مفاجئة.
    النخب القديمة تُقصى أو تفقد شرعيتها.
    تظهر قوى جديدة، لكنها قد تكون أكثر فوضوية أو شعبوية.
  4. خاتمة: حين يُستهلك الزمن دون أن يُستوعب
    هؤلاء الذين يحسبون أن “الحال لا يتغير” هم أول من يدهشه التحول حين يقع. ليس فقط لأنهم أسرى ذاكرة سلطوية، بل لأنهم لم يتعلموا قراءة التحولات في شكل السلطة، ولا في صوت المجتمع.
    الزمن المغربي لا يعيد إنتاج نفسه، بل يبتكر مساراته الخاصة، وغالبًا ما يفضح المتهافتين حين يظنون أنهم خالدون في زمن لا يحتفظ إلا بذاكرة المفارقات.

اعلان

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى