في ظل الأزمات والابتلاءات يحتاج الإنسان إلى المنهج الذي يدله على ما ينبغي فعله وما لا ينبغي، ويحتاج إلى خطة عملية يضعها نصب عينيه، وفق ما جاء في ديننا الإسلامي متمثلا قيما ومبادئ ينبغي عليه أن يلتزم بها.
وبما أن الابتلاءات والجوائح ما هي إلا اختبار وتكليف لقوة المؤمن، وجدارته لخلافة الله في الأرض؛ فإن انتشار فيروس كوفيد 19، الذي حجر الناس في منازلهم وأوقف نشاطاتهم اليومية في ظروف لم تشهد لها بلادنا الحبيبة مثيلا، كفيل بنشر الرعب والخوف من تفشي هذه الجائحة وفتكها لكل حبيب وعزيز.
ومعلوم أن الخوف والرعب والتفكير الدائم بالأمور السلبية – مرض الكورونا – يؤثر على صحة الإنسان النفسية؛ فقد أثبتت الدراسات العلمية العلاقة الوثيقة بين النواحي النفسية والنواحي الجسدية فالأفكار والمشاعر السلبية تضعف جهاز المناعة ومقاومة الجسم، كما أن الأفكار والمشاعر الإيجابية تقوي من هذا الجهاز.
يقول الدكتور بين جونسون:”ليس عليك أن تحارب وتناضل لكي تتخلص من مرض ما، إن مجرد العملية البسيطة المتمثلة في التخلي عن الأفكار السلبية سوف تسمح لحالتك الطبيعية من الصحة أن تنمو بداخلك، وسوف يعالج جسدك نفسه بنفسه.” من كتاب السر ص:155
لذا لابد أن نحيي مواطن القوة والطاقة الإيجابية في ذواتنا، مسترشدين بمعالم النجاة والقوة في ديننا الإسلامي، لنخرج من الحجر الصحي ونحن في أحسن الظروف والأحوال ومنها:
1-قوة الحمد والشكر:
إن من فضل الله علينا أن تذكر نعمه التي لا تعد ولا تحصى، قال تعالى:” وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم” سورة النحل: 18
واستشعار نعمة الصحة والعافية في زمن الكورونا وكثرة المرضى والموتى من هذا الوباء، من أعظم الأمور التي ترفع البلاء وتوجب احترام هذه النعمة وعدم احتقارها، وتحقق الطمأنينة النفسية، لهذا نجد الرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا بقول هذا الدعاء عند البلاء قائلا:”
من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء” اخرجه الترمذي.
فحمد الله وشكره والامتنان بنعمه، طاقة تولد الهدوء الداخلي، وتخفف الضغط النفسي، الذي يحبب للإنسان الحياة ويعطيه طاقة ونشاطا للعطاء.
فأكثر من هذا الدعاء ” ولتكن عادتك أن تحس بمشاعر الامتنان سلفا لليوم العظيم الذي تستقبله، كما لو أنه قد انتهى” كتاب السر ص: 96
2-قوة الصبر واليقين
لا شك أن الإكثار من متابعة أحداث الوباء وتتبع الإحصاءات والإشاعات يوميا يحتاج صبرا ويقينا في الله عز وجل، وإلا أصيب الإنسان بالقلق والتوتر فإن كان الصبر مطلوبا في الحياة اليومية فإننا أحوج إليه في هاته الظرفية الحرجة، لتهدئة الانفعالات السلبية والوقاية من هذا البلاء، ولا يتأتى ذلك إلا باليقين أي الوثوق والتصديق بأن الله عز وجل سيرفع البلاء لامحالة؛ لأن اليقين كما عرفه البيهقي:” هو سكون القلب عند العمل بما صدق به القلب، فالقلب مطمئن ليس فيه تخويف من الشيطان ولا يؤثر فيه تخوف، فالقلب ساكن آمن ليس يخاف من الدنيا قليلا ولا كثيرا.” من كتاب الزهد الكبير 1/352
فتفاءل وكن على يقين بأن فرج الله قريب، وكلما اشتدت الأزمة فرجت بإذن الله.
3- قوة العطاء و التكافل الاجتماعي:
إن الابتسامة الصادقة عطاء، ومساعدة المحتاج عطاء، وتفريج كربة عن مكروب عطاء، ودعوة من قلب صادق عطاء……
و التكافل الاجتماعي عطاء؛ إذ هو طريق للتقرب من الله عز وجل ونيل ثوابه فالنصوص الشرعية التي رغبت في الصدقات كثيرة منها: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” من تصدق بصدقة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا طيبا – كان إنما يضعها في كف الرحمان، يربيها كما يربي أحدكم فلوه (مهره) أو فصيله(ولد الناقة)، حتى تكون مثل الجبل”موطأ الإمام مالك كتاب الصدقة.
فالحديث واضح في مضاعفة الأجر والثواب للمنفق في سبيل الله، “فالعطاء فعل قوي لجلب المزيد من المال لحياتك، لأنك عندما تعطي فكأنك تقول “إن لدي الكثير” لن تفاجأ عندما تعلم أن أكثر الأشخاص ثراء على الأرض هم أعظم المحسنين على الإطلاق.” من كتاب السر ص: 127
فالتكافل الاجتماعي عطاء مطلوب عموما وفي الأزمات خصوصا، وطاقاته من أعظم الطاقات التي ترقى بالنفس إلى أعلى عليين.
فطاقة العطاء قوة جذابة؛ كلما قدمت الخير لمن يحتاجه ، ستحصل على أكثر مما تتخيل فلا تبخل على محتاج في هذه الأزمة الحرجة.
فالحجر الصحي، فرصة لإحياء الإنسانية واستصراخ الضمائر ورد المظالم لأهلها لعلنا نعود إلى الفطرة السوية وتعود أنفسنا إلى خالقها راضية مرضية.
شكرا أستادة أخدت عدة قيم من هدا الظرس كالصبر واليقين في الله عزوجل
موضوع شيق جامع مانع
دمت موفقة دكتورة سمية