صحيح أن دستور 2011 شكل منعطفا مهما في مسار الإصلاحات السياسية بالمملكة، حيث أقر إلى جانب الديموقراطية التمثيلية، ما يعرف بالديموقراطية التشاركية كآلية مكملة لها، و كأحد الثوابت الأساسية في بلورة السياسات العمومية، مما يؤسس لنموذج ينبني على مشاركة و مساهمة كل الفاعلين من دولة و مؤسسات عمومية و جماعات ترابية و مواطنين و مواطنات و منظمات المجتمع المدني و جميع القوى الحية في المجتمع.
و تجسيدا لهذا التوجه الدستوري، و تفعيلا للفقرة الأولى من الفصل 139 من دستور 2011 نص القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات في المادة 120 منه على ” إحداث هيئة استشارية لدى مجلس الجماعة بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تدعى بهيئة المساواة و تكافؤ الفرص و مقاربة النوع”.
و بالفعل تم إحداث هذه الهيئة كما نص الدستور و القانون التنظيمي المذكور اعلاه، و إنتشرت هذه الهيئة في مختلف بقاع المملكة المغربية، لكن السؤال الذي يبقى مطروح، هل استطاعت هذه الهيئات تحقيق المساواة المتوخاة بين الجنسين !! ، هل استطاعت تحقيق تكافؤ الفرص !!، و هل استطاعت إدماج مقاربة النوع الإجتماعي ضمن برامج التنمية بالشكل الذي يرضي المرأة المغربية و يشبع قناعاتها !! ، هل استطاعت هذه الهيئات و منظمات المجتمع المدني تنزيل خططها و برامجها بالشكل الذي يعيد للمرأة كرامتها و كينونتها التي لاطالما افتقدتها ولم تستطع استعادتها بالشكل الذي تريده لحد الآن !!
طبعا لا ، و إن كان هناك تنزيل و لكنه ضئيل بالمقارنة مع احتياجات المرأة المغربية، و بالمقارنة مع طموحها و رغبتها في تحقيق الإنتصار لأنوثتها التي لاطالما اقترنت بالضعف و الهوان و قلة الحيلة.
العيب ليس في الدستور و في فصوله، و لا في هيئات المساواة و تكافؤ الفرص، و لا في منظمات المجتمع المدني كذلك، و لا في الدولة و مؤسساتها ، بل العيب هو قلة الإيمان بقضية المرأة، و عدم الإقتناع بمبدأ المساواة بين الجنسين من الأساس، عندما يقتنع أعضاء و عضوات هذه الهيئات بقضية المساواة و بقدرات المرأة و عزمها على الوقوف جنبا إلى جنب مع الرجل ، عندئذ فقط نستطيع القول أننا وصلنا الى مرحلة الفعل و التفعيل، لا بقينا محصورين في دوامة الإدعاء و التزييف و التمثيل .