اعلان
اعلان
سياسة

“مشاركة المرأة في الحياة السياسية… بين الوهم و الحقيقة”

اعلان

مما لا شك فيه أن العمل السياسي يعد من أبرز الميادين التي شهدت عبر سنوات طويلة هيمنة ذكورية واضحة ، بينما المرأة فغالبا ما يكون نصيبها في هذا المضمار تقلد المهام الثانوية الخفية و التي لا يعتد بها مجرد الإعتداد ، لأن مراكز القيادة و صناعة القرار داخل الأحزاب السياسية طبعا كانت و لازالت حكرا على الرجل وحده .

و من خلال هذا المقال سنحاول إماطة اللثام عن أهم الأسباب الثقافية و الإجتماعية التي تقف حاجزا أمام إنخراط المرأة في العمل السياسي و التكريس من عملية إقصائها و تهميشها.

اعلان

فلا يخفى على أحد أن المرأة و السياسة من المواضيع التي كانت و لازالت تثير النقاش و أحيانا الجدل في العديد من البلدان ليس فقط في المغرب ، على إعتبار أنه لم نصل بعد لمرحلة النظر و التمعن في الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة في مختلف السياسات المنتهجة سواء في هذا البلد او ذاك، و كيف بإمكانها أن تكون شخصية فاعلة و مساهمة في صياغة تلك السياسات و توجيهها و وضع التشريعات و النظم القانونية التي تحكمها.

و غالبا ما يكون الحديث عن المرأة و السياسة بالخصوص عند حلول موعد الإنتخابات و كيف أن نظام الكوطا عزز من مشاركتها في الحياة السياسية و حفظ حقها من خلال تقلد أعلى المناصب السياسية و أتاح لها مكانة متقدمة في اللوائح الإنتخابية( المحلية و التشريعية)، و لكن السؤال الذي يبقى مطروح هل نظام “الكوطا” كفل للمرأة حقها السياسي بالكامل و ضمن لها الحرية الكافية لتمارس هذا الحق أم لا زال رأيها يقف على كلمة واحدة من الزعيم او القائد، فلا يمكن أن نغض النظر عن مسألة النساء التابعات لحزب معين و كيف يؤتمرن هن الأخريات بأمر الزعيم او القائد المكلف بشؤون ذلك الحزب ، إلى جانب ما يعريه الإحتكام إلى صناديق الإقتراع عن مختلف النزعات الذكورية التي تهيمن على أعماق مجتمعاتنا، على الرغم من أن المرأة تبذل جهدا أضعاف جهد الرجل للحصول على الأصوات إلا أن النتائج تكون جد مخيبة للظنون و الآمال،

صحيح أن هناك حالات استثنائية تعكس النجاح الذي حققته نساء دخلن معترك السياسة و تولين الشأن العام، إلا أنها كما قلت تبقى حلات إستثنائية تعد على رؤوس الأصابع….
لا أحد على الإطلاق بإمكانه إنكار حقيقة أن مراكز صنع القرار كانت و لازالت محصورة في يد الرجل، و خير دليل على ذلك أنه في تاريخ المغرب بأكمله لم نشهد تقلد المرأة لمنصب رئاسة البرلمان أو حتى رئاسة الحكومة و أنا أتحدث على وجه الخصوص في فترة ما بعد دستور 2011 ، هذا الدستور الذي تحدث عن قضية المناصفة و تكافؤ الفرص بين الجنسين ،حيث إن الأمر لم ينحصر في الفصل 19 من هذا الدستور ، بل بدأ من التصدير مرورا بعدة فصول أخرى، لكن الملاحظ منذ تلك الفترة الى وقتنا هذا لم يكن هناك اي تفعيل حقيقي يرقى إلى مستوى انتظارات الشعب المغربي.

اعلان

و ما يفسر ذلك طبعا هو العقليات الذكورية السائدة بامتياز و التي تتربع على عرش كسر الثقة في نفوس النساء ، و هنا تشعر المرأة نفسها غير مؤهلة لولوج العالم السياسي ، الى جانب تأثير التنشئة الإجتماعية الكلاسيكية و المناهج التربوية المتخلفة و الرجعية التي تنفي دور المرأة الإنتاجي و تكرس من دورها الإنجابي، إذ يبقى النظر اليها كمجرد جهاز تناسلي آلي أوتوماتيكي يقتصر دوره في الإخصاب و الإنجاب و تربية الأطفال…إذن ما الحقيقة هنا و ما الوهم !!! ، الوهم هو نظام الكوطا و الخطابات المخادعة حول حقوق النساء السياسية ، أما الحقيقة فيكفي النظر الى الحيز المخصص للمرأة في مختلف المراكز السياسية الموجودة في البلاد، و سنكتشف كم أنه حيز ضيق لا يكفيها للتنفس حتى مجرد النفس ، فكيف بإمكانها في هذه الحالة أن ترفع صوتها و تنادي بحقوق النساء الأخريات .

ففي نظري ليس هناك داع لكل تلك الخطابات و القوانين و الندوات إذا كانت ستبقى مجرد حبر على ورق و لن يتم تفعيلها على أرض الواقع، فالنظال الحقيقي و الأساسي هو الذهاب في سياق ترسيخ و تثبيت تربية و تنشأة إجتماعية مختلفة تماما عما سبق سواء على مستوى التصورات ، العقليات او حتى التمثلات ، لذلك فالمسألة لا يمكن أن تحل بمجرد شعار، خاصة و أن الواقع الذي تعيشه المرأة في الحياة السياسية هو واقع الديكور لا واقع الفعل أي أنها مجرد أثاث لتزيين الحلبة الإنتخابية دون أن يسمح لها بالمصارعة و رفع اليد الحقيقية و خلق التغيير المنتظر منها كإمرأة و ككيان له وجود ثابت مستقل.
بل الأدهى من ذلك و يؤسفني القول و نحن على مشارف حلول سنة 2021 أنه حتى من ناحية المناصب الوزارية نجد أن المرأة تعنى بقضايا الأسرة و التضامن و الطفل و المعاق…أي وزارة لها طابع أسري بامتياز، و كأننا نعتبرها بطريقة لا شعورية و نصرح بشكل ضمني لا مباشر أن المهام التي تعطى للمرأة داخل البيت هي نفس المهام التي تعطى لها داخل النسق الحكومي او السياسي و عليه فهي بطريقة أو بأخرى تصبح و كأنها “ربة بيت الحكومة” .

إذن ما ينبغي أن نستشفه من كل ذلك أن هناك رسالة مؤداها أن الذي ينبغي ان يناله التغيير و بشكل عميق سواء داخل الحقل السياسي أو غيره ، تلك النظرة الدونية و المستصغرة لقدرات المرأة و التي تريد أن تلزمها قهرا المقاعد الخلفية.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى