
اعتمدت المديرية العامة للضرائب استراتيجية مبتكرة لمكافحة الاقتصاد غير المهيكل، من خلال تصنيفه إلى فئتين: “هيكلي” و”معيشي”، بهدف تحسين فعالية المراقبة الضريبية مع الحفاظ على التوازن الاجتماعي. وتستهدف الفئة الأولى الفاعلين الاقتصاديين الذين يحققون أرباحًا كبيرة دون أن يساهموا في الموارد الضريبية للدولة، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة للخزينة العامة. أما الفئة الثانية فتشمل الأنشطة الصغيرة التي لا تمثل تهربًا ضريبيًا ممنهجًا، مما دفع الإدارة الجبائية إلى تركيز جهودها على الأنشطة الهيكلية في الاقتصاد غير المهيكل، مع تجنب فرض رقابة صارمة على الأنشطة المعيشية التي تمس الفئات الاقتصادية الضعيفة.
وفي سياق هذه الاستراتيجية، أكد يونس إدريسي قيطوني، المدير العام للمديرية العامة للضرائب، خلال ندوة صحفية حديثة، أن مكافحة التهرب الضريبي تتطلب استخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل تحليل البيانات والتقاطع البنكي، للكشف عن الفاعلين غير المهيكلين ذوي التدفقات المالية الكبيرة. كما أشار إلى أن الإدارة تسعى لتحقيق توازن بين تعزيز الرقابة على الأنشطة الاقتصادية الكبيرة، دون أن تتسبب في أية أضرار اجتماعية للفئات الهشة، مؤكدًا ضرورة اعتماد نهج تدريجي يدعم الانتقال السلس نحو القطاع المهيكل ويجنب التسبب في اضطرابات اجتماعية.
فالمغرب يركز على مراقبة القطاعات الأكثر تأثراً بالاقتصاد غير المهيكل، مثل قطاع البناء والتجارة والاستيراد، التي تعتمد بشكل كبير على السيولة النقدية وتفتقر إلى الشفافية الضريبية. وعلى الرغم من أهمية تشديد الرقابة، فإن فرض ضرائب مفاجئة قد يزيد من مخاطر إغلاق الشركات وتسريح العمال، مما يعمق الأزمة الاقتصادية. لذلك، اعتمدت المديرية العامة للضرائب إستراتيجية انتقالية تشمل حوافز قانونية وضريبية لتشجيع الفاعلين في القطاع غير المهيكل على الاندماج الطوعي في القطاع المهيكل، مع ضمان استقرار النشاط الاقتصادي.
وفي حديثه حول الاقتصاد غير المهيكل، أوضح يونس إدريسي قيطوني أن الأنشطة التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين درهم أو 6 ملايين درهم أو حتى 10 ملايين درهم لا يمكن اعتبارها جزءًا من الاقتصاد المعيشي، مؤكدًا أن الفاعلين في هذا القطاع يستفيدون من الأمان والاستقرار الذي توفره البلاد دون أن يساهموا في الموارد الضريبية. وبالتالي، يشكلون أهدافًا رئيسية للمراقبة الضريبية والإجراءات التصحيحية.
وفي المقابل، أشار إلى أن الاقتصاد غير المهيكل المعيشي يشمل الأنشطة الصغيرة والمدخرين الصغار الذين تكون مواردهم محدودة. ووفقًا له، تستبعد الإدارة الجبائية هؤلاء الأفراد من الإجراءات القسرية نظرًا لأن مساهماتهم المحتملة في العائدات الضريبية تكون ضئيلة مقارنة بالتكاليف الاجتماعية التي قد تترتب على تشديد الرقابة.
من جانبه، أكد منير المستاري، الخبير في القانون الضريبي والمالية العمومية، أن إعادة توجيه “رادار” الضرائب نحو الفاعلين غير المهيكلين ذوي المعاملات الكبيرة يعد خطوة ضرورية لتعزيز العدالة الجبائية، دون الإضرار بالأنشطة الصغيرة التي تساهم في الاقتصاد المعيشي.