
بالرغم من الانتقادات التي يوجهها بعض المستثمرين ورجال الأعمال في شمال المغرب إلى المركز الجهوي للاستثمار بسبب “العراقيل” التي يواجهونها في الحصول على التراخيص والموافقات اللازمة للمشاريع، إلا أن الأرقام الأخيرة التي نشرها المركز الجهوي للاستثمار بجهة طنجة تطوان الحسيمة تشير إلى تحسن ملحوظ في وتيرة الاستثمارات بالجهة. فقد شهدت الجهة زيادة في حجم الاستثمارات بلغت 18% خلال الشهرين الأولين من سنة 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يعكس تطوراً إيجابياً في بيئة الأعمال المحلية.
وبحسب بعض المعطيات، فإن اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار بالجهة قامت بدراسة 126 ملفاً استثمارياً خلال شهري يناير وفبراير من السنة الجارية، وتم الموافقة على 105 ملفات منها. وهو ما يعني أن نسبة الموافقة على الملفات بلغت حوالي 83% من إجمالي الملفات التي تم تقديمها للمركز.
وتعكس هذه المشاريع التي تم قبولها استثمارات تصل قيمتها إلى 10.5 مليار درهم، أي بزيادة بنسبة 18% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. وهو ما يعكس تحسن الثقة في بيئة الاستثمار في الجهة، على الرغم من الصعوبات التي يواجهها بعض المستثمرين.
أما بخصوص فرص العمل المنتظرة من هذه المشاريع، فقد تم الإشارة إلى أنه من المتوقع أن تساهم هذه المشاريع في إحداث ما يقارب 12 ألف منصب شغل جديد. وهذه فرص العمل تتوزع بشكل رئيسي في قطاعين هما الصناعة والسياحة، حيث يمثل القطاعان معاً حوالي 72% من إجمالي المشاريع التي تم المصادقة عليها، وهما يساهمان بنحو 50% من حجم الاستثمارات المتوقعة في الجهة. وبالإضافة إلى ذلك، يشكل القطاعان 90% من إجمالي فرص العمل المنتظرة في المشاريع المعتمدة.
تعود هذه الزيادة في الاستثمارات إلى عدة عوامل، أبرزها تعزيز البنية التحتية لاستقبال المشاريع الاستثمارية في الجهة، إذ استفادت طنجة تطوان الحسيمة من عدد من المشاريع الكبرى التي ساهمت في تحسين الظروف الاقتصادية، مثل “مدينة محمد السادس طنجة تيك” الصناعية التي تعد من المشاريع الكبرى في المغرب، وكذلك مدينة صناعة السيارات “طنجة تاك”، التي تشكل مركزًا مهمًا لصناعة السيارات في المنطقة. كما تساهم المناطق السياحية المختلفة في الجهة في جذب المزيد من الاستثمارات في القطاع السياحي، إلى جانب القطب الفلاحي “الوكوس” الذي يعزز تنمية القطاع الفلاحي في المنطقة.
هذه المعطيات تعكس في المجمل أهمية المنطقة في استقطاب الاستثمارات وتوسيع الاقتصاد المحلي، ولكن في الوقت ذاته، تظل التحديات التي يواجهها المستثمرون فيما يتعلق بالبيروقراطية والحصول على التراخيص العائق الأكبر أمام تسريع عجلة الاستثمار في بعض الأحيان. وبالتالي، فإن الحاجة إلى تسريع الإجراءات وتحسين البيئة الإدارية تبقى من الأولويات لتحقيق المزيد من النمو والاستدامة الاقتصادية.