
في ظل الحديث عن ضم أراضٍ أوروبية وتزايد العجز في صفوف الدول الديمقراطية، يبرز تقارب دونالد ترامب المفاجئ مع روسيا في المشهد الجيوسياسي، مما يثير ذكريات حقبة صعود الفاشية والرد الغربي الضعيف في ثلاثينيات القرن الماضي.
على الرغم من مرور قرن من الزمن بين الحقبتين، إلا أن العديد من المؤرخين في ضفتي الأطلسي يواصلون دراسة تخلي ترامب عن العديد من المبادئ الأمريكية والأوروبية في وقت يواجه فيه العالم حروبًا ونزاعات. في هذا السياق، قال المؤرخ جون كونيلي من جامعة كاليفورنيا في بيركلي: “نعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي لأنها كانت فترة حاسمة شهدت فشل الديمقراطيات في التصدي للدكتاتوريين”، وأشار إلى أنه كان بالإمكان تشكيل جبهة موحدة ضد هتلر لتجنب الحرب.
أحد الأمثلة التي أظهرت هذا التوجه هي إهانة ترامب العلنية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائهما في البيت الأبيض، بالإضافة إلى لهجته التصالحية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما أعاد إلى الأذهان في نظر البعض ضم ألمانيا عام 1938 لإقليم السوديت. ورغم أن السيطرة النازية على هذا الإقليم التشيكوسلوفاكي كانت مثار خلاف، إلا أن القوى الأوروبية وافقت في النهاية على ذلك عبر اتفاقية ميونيخ، التي فشلت في الحد من طموحات هتلر العسكرية.
وأعرب الرئيس الأوكراني زيلينسكي عن قلقه من أن السماح لبوتين بالاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي استولت عليها روسيا قد يشجعه على توسيع طموحاته والسيطرة على مناطق أخرى، مثل مولدافيا أو رومانيا، التي تعد عضوًا في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
ومن جانبه، أبدى ترامب اهتمامًا بالاستحواذ على جزيرة غرينلاند، رغم أنها جزء من الدنمارك، العضو المؤسس في حلف شمال الأطلسي، مما يطرح تساؤلات حول طموحاته الجيوسياسية في السياق الحالي.
هذه التحولات في السياسة الدولية تفتح باب النقاش حول تكرار دروس الماضي وأثر ذلك على الأمن والاستقرار العالمي.
يقول يوهان شابوتو، المتخصص الفرنسي في دراسة ألمانيا النازية، إنه لا مفر من إجراء المقارنات، حيث إن معظم القادة السياسيين اليوم يشيرون إلى التطورات التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية والنازية كنقطة انطلاق لتحليل الوضع الحالي. هذه التصريحات تثير تساؤلات حول صعود الأنظمة الاستبدادية في العصر الحديث.
وفي وقت سابق، أثارت تحركات مستشار ترامب، الملياردير إيلون ماسك، جدلاً كبيراً بعد أن اعتبرها الكثيرون تحية نازية، مما أضاف مزيدًا من القلق حول الاتجاهات الفاشية التي قد يتخذها حكم ترامب. حتى في فترة ولايته الأولى، كان النقاش يدور حول الطبيعة الفاشية لحكمه. حيث قال كبير موظفيه آنذاك، جون كيلي، إن “التعريف العام للفاشية ينطبق تمامًا على ترامب”، وهو ما اتفق عليه العديد من مساعديه، بما فيهم الجنرال مارك ميلي، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي.