
منبر 24
شرعت وزارة الداخلية، من خلال ولاة وعمال، في دراسة إمكانية تفعيل المادة 64 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، تمهيداً لعزل رؤساء مجالس جماعية ثبت تورطهم في علاقات مشبوهة مع منعشين عقاريين نافذين. وتكشف تقارير مسربة أن هؤلاء المنعشين أصبحوا يتحكمون في قرارات المجالس المنتخبة، عبر وساطات مشبوهة وامتيازات غير قانونية خدمت مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة.
وتفيد مصادر مطلعة بأن تعليمات استعجالية صدرت من المصالح المركزية لوزارة الداخلية لمسؤولي الإدارة الترابية، تدعو إلى اتخاذ تدابير عاجلة لتحصين الجماعات الترابية من تغلغل “لوبيات العقار”، وذلك على خلفية تقارير أعدتها أقسام الشؤون العامة بمصالح العمالات والأقاليم، تؤكد وجود تدخلات من طرف منعشين لإنهاء الخلافات بين الأغلبية والمعارضة داخل بعض المجالس، عبر صفقات مشبوهة وعلاقات مالية غير قانونية مع رؤسائها.
كما رصدت التقارير نفسها تقديم ملتمسات مشبوهة لنزع ملكية أراضٍ لفائدة الجماعات، كانت مخصصة لمشاريع عمومية حسب تصاميم تهيئة قديمة، وذلك بهدف استغلال آجال هذه التصاميم للضغط على الملاك وإجبارهم على التفويت بأسعار منخفضة، تمهيداً لإعادة بيعها لاحقاً بقيمة مرتفعة بعد تصنيفها في تصاميم جديدة كمناطق صناعية وسكنية.
وتتوسع هذه الخروقات لتشمل التلاعب بمشاريع البنية التحتية، حيث تشير التقارير إلى تحويل وجهة استثمارات عمومية نحو مناطق معينة تضم تجزئات عقارية مملوكة أو مسيطر عليها من قبل المنعشين المتورطين، والذين استفادوا من تعديلات في تصاميم التهيئة رفعت من قيمة أراضيهم بشكل لافت.
وتضيف المعطيات ذاتها أن بعض رؤساء الجماعات تورطوا في فرض “إتاوات” على المجزئين مقابل بقع أرضية في مواقع متميزة، ليتكفلوا لاحقاً ببنائها عبر شركات في ملكية أقاربهم، قبل تسويقها في إطار الدعم المباشر للسكن، كما سجلت حالات سحب منظم لحجوزات بقع مقابل عمولات مالية تتراوح بين 10 و20 مليون سنتيم للبقعة الواحدة.
هذه التطورات تضع السلطات المحلية والجهات الرقابية أمام تحدٍّ حقيقي لتفعيل آليات المحاسبة وعزل المتورطين، في ظل تصاعد المطالب بربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجنيب الجماعات الترابية الوقوع تحت نفوذ المال العقاري.