اعلان
اعلان
مجتمع

دار البومبا ارث تاريخي يباع على طاولات المقاهي

اعلان
اعلان

تطوان: محمد السوسي

اعلان

حين يتحول معلم تاريخي بحجم “دار البومبا” إلى مطعم ومقهى بعد عملية إصلاح وترميم، فاعلم أن علاقتنا بتراثنا ما زالت هشة، وأن ذاكرتنا الجماعية مهددة بمسحها باطماع استثمارية و اقتصادية.
المعلمة تم ترميمها بميزانية 6.000.000 درهم من المال العام بتمويل من المجلس الإقليمي بتطوان و باشراف وكالةانعاش وتنمية أقاليم الشمال.
“دار البومبا” ليست جدرانًا قديمة تُستغل كديكور جذاب، بل هي منشأة حربية شيدت في القرن الثامن عشر بأمر من السلطان محمد بن عبد الله، وكانت قلب الصناعة الحربية المغربية، حيث تُصنع الأسلحة الذخائر والباسورد وتُحفظ بداخلها لحماية الوطن. كل حجر فيها يحمل أثر جهد وجهاد، وكل قوس فيها يحكي قصة دفاع وصمود.

لكن بدلاً من أن تتحول هذه المنشأة إلى متحف وطني يوثق لتاريخ الصناعات الحربية المغربية، ويروي للأجيال كيف كانت هذه الأرض تصنع القوة وتحمي السيادة،و تعرض صورا ووثائق تلك الحقبة؟ أو مكتبة للمحفوظات تضم أرشيف المدينة؟ أو فضاء للذاكرة الوطنية يحفظ شهادات وصورًا وأحداثًا خلدها التاريخ؟ الاحتمالات كثيرة، لكن الإرادة الحقيقية في صون المعنى والروح تبدو غائبةحيث تم تسليمها للمنطق التجاري البارد، وتحويلها إلى فضاء استهلاكي يبيع القهوة والعصائر ويقدم اطباقا تحت سقفٍ كان يومًامصنعًا للبارود والمدافع.
يطرح السؤال نفسه بإلحاح: هل من الديمقراطية أن تُفوت ذاكرة تاريخية إلى رأسمالية جشعة لا ترى فيها سوى فرصة للربح والمصالح الشخصية؟ أليس هذا شكلاً من أشكال سلب التراث من مالكه الحقيقي، وهو الشعب، وتحويله إلى سلعة بيد القلة على حساب المصلحة العامة؟

هذا ليس “إحياءً” للتراث، بل تجريدٌ له من روحه وتحويله إلى سلعة. إنها إهانة للتاريخ، وتضييع لفرصة تثقيفية وسياحية كان يمكن أن تجعل من “دار البومبا” قبلة للباحثين والزوار المهتمين بتاريخ المغرب العسكري.

اعلان

إذا كانت حماية التراث تعني عند بعض المسؤولين تغليفه بطاولات ومقاعد، فإننا نسير نحو فقدان آخر ما تبقى من شواهد حقيقية على تاريخنا. وآن الأوان أن ندرك: المعالم التاريخية ليست ملكًا لجيل واحد أو لمستثمر واحد، بل هي ذاكرة وطن، ومحوها بهذا الشكل جريمة في حق الماضي والمستقبل معًا.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى