“شعراء تشكيليون”، فقرة شعرية وفنية جديدة أطلقتها دار الشعر بمراكش، في افتتاح الطور الثاني من برنامجها الشعري للموسم الثالث 2019/2020. فقرة حوارية ينفتح خلالها النص الشعري على أنماط فنية مختلفة، لخلق حوار خلاق ولمزيد من توسيع قاعدة تداول الشعر. “لغة مشتركة، وشعراء يزاوجون في تجربتهم الإبداعية، بين الكتابة الشعرية والفن التشكيلي..”، في ليلة شعراء تشكيليون شهدت حضورا لافتا لجمهور الشعراء والمثقفين والفنانين وممثلي وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة والسمعية والالكترونية.
شعراء وفنانون تشكيليون يعبرون بين فضاءات الشكل والمادة واللون، عبور وحوارية نص عميق يحمل قدرة لانهائية من التأويل والقراءات. بين لغة الشعر ولغة اللوحة، تعبر تلك الذات المبدعة، الى فضاء للاشتغال الجمالي والشعري. استيتيقيات جمالية وإبداعية، محمولة على انشغالات عميقة، تلك هي مسارات : عزيز أزغاي وفؤاد شردودي ونعيمة فنو. وشهدت فقرة “شعراء تشكيليون” مشاركة الفنانة الشابة آمال بنعلية، الى جانب العازف الشاب رضوان بقشيش، لحظة فنية عمقت من فضاء هذا الحوار الشعري الفني المفتوح (شعر، تشكيل، موسيقى).
الشاعر والتشكيلي عزيز أزغاي، الشاعر والفنان التشكيلي والذي توج مؤخرا بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي عن بحثه الموسوم بـ «جاذبية الفراغ في التصوير العربي المعاصر:خمسُ عيناتٍ للفهم»، الحاصل على دكتوراه في موضوع تاريخ الفن الى جانب إصداراته الشعرية، أكثر من سبعة دواوين شعرية، وحضور لافت في المشهد الثقافي المغربي وأحد رواد الجيل الجديد للحداثة الشعرية المغربية. قرأ الشاعر والتشكيلي عزيز أزغاي، من سفره الشعري التشكيلي، معتبرا لحظة دار الشعر بمراكش، لحظة إبداعية رفيعة تلتئم ما تبقى فينا من روح الحياة. الشاعر أزغاي الذي يعتبر الشعر ضرورة في حياتنا اليومية، ومن هنا أيضاً ضرورة السعي نحو إشاعته كقيم وسلوك حضاري ونمط حياة بيننا. نصوص أزغاي تذهب إلى جوهر المعنى من دون زوائد لغوية أو بلاغية مع انفتاح بليغ على بقية الفنون الأخرى، لذلك يعتبر أزغاي أن القصائد المؤثرة عادةً ما تكون خلاصة تداخل لغات وفنون أخرى مثل التصوير والنحت والموسيقى والرقص والمسرح والعمارة وغيرها…
سر..”اللون الذي شاخ في اللوحة لم يره أحد، وحدها عيني تنضج.”
واختارت الشاعرة والتشكيلية نعيمة فنو، أن تطلب من الحضور أن يسافر في معرض قصائدها، لأنها ما اقترحته من نصوص بصرية قصيرة، تلتقط تلك التفاصيل الآسرة بين اللون والبياض. الشاعرة فنو والتي تعتبر القصيدة روحها الثانية، وعينها الثالثة، ترسم القصيدة وتكتب اللوحة، بل ومن اللوحة تخلق القصيدة. وحين تستعصي عليها الكلمة أحيانا تراودها الألوان.
“تودّعينني../ القطار وريدٌ وأنا جلطة في دِماغِ أحدهم …/../ الأرجوحة قرطٌ في أذن الشجرة/ ../ وأنا أعلق صورتك على الجدار/ ارتفع سقف الغرفة متنهدا/ ../ العِناق : أن تخْترق جَسده/ها كرصَاصةِ حرير ، لتخرج من ظَهره/ها شرنقة / ../ وتعود من جديد لفوهةِ مسدسكَ الكاتم للموت… “
واختتم الشاعر والتشكيلي فؤاد شردودي، الذي أكد دوما أن لا حدود فاصلة بين الشعر والرسم، ليلة شعراء تشكيليون. واختار أن يقرأ بعضا من قصائده، والتي تستحضر هذا الحوار الداخلي بين الشعر والرسم. الشاعر شردودي، عضو بيت الشعر في المغرب، صدرت له دواوين عدة منها: «ماسكًا ذيل كوكب، «السماء تغادر المحطة»، «من باب الاحتياط»، «أنا غير مسخر».
معرض..
“أجمع صورا لأعمالي التشكيلية الجديدة
على قرص..
وأرميه من نافذة الطائرة
أريد أن أكون أول رسام
يعرض في رواق سحابة”
إشارة..
“لاستعمال اللوحة
التعليمات دائما
في الداخل”
عزيز أزغاي ونعيمة فنو وفؤاد شردودي.. مبدعون مزجوا بين تجربتهم الشعرية والتشكيلية، في تواشج انفتحت معه القصيدة على الدلالات البصرية الغنية، لعمق الصورة والحروفية والرموز والتشكيل البصري للقصيدة. وبعد فقرة ذاكرة شعرية، تأتي فقرة “شعراء تشكيليون” لتفتتح من خلالها دار الشعر بمراكش، فقرات الطور الثاني من برنامجها الشعري مطلع السنة الجديدة، وستتواصل مستقبلا ببرمجة غنية، تعمق من انفتاح الشعر وحواريته على مختلف أنماط الطرق الإبداعية، كما تزيد من الانفتاح على التجارب الشعرية والحساسيات المختلفة في القصيدة المغربية المعاصرة.