من الطبيعي أن نرى مهاجرون إلى الديار الأروبية يحزمون أمتعتهم بكل همة وشغف، من أجل الدراسة أو السياحة أو فرص عمل بطواعية، لكن الغير الطبيعي هم أولئك الشباب المهاجرون بصفة غير قانونية ، معرضين أنفسهم لأسوء المتاعب في غنى عن أنفسهم ،بقولهم:”هاذ البلاد معطتنيش” وكأن في الضفة الأخرى سوف يستقبلونهم بالورود والهدايا .
هي ظاهرة من الظواهر السلبية في مجتمعنا التي ظهرت من سالف الزمن ولازال وجودها حاضر إلى يومنا هذا ألا وهي قضية الهجرة وهذه الظاهرة في انتشارها أصبحت أمر عادي نظرا لما يحدث في المجتمع المغربي من ظلم وانتهاك لحرية المواطن الضعيف ، وباعتبار أن الهجرة هي متنفس المهاجرين الوحيد من أجل الهروب من القهر وكما قال أحدهم وهو على متن قارب الحسم”الموت ولا المذلة “.
ففكرة العبور إلى أروبا طغت على شباب بلدنا اليوم واستولت على عقولهم ، تلعب بأفكارهم وأحلامهم بكل أريحية وبساطة ، ناكرين الجميل لبلدهم، فكل شاب او شابة حلمه الأن هو الهجرة إلى إسبانيا كونها الوجهة الأكثر إقبالا لما تتوفر عليه من معامل كمعمل الفريسة والليمون وغيره وكذا الصورة البريئة التي تظهر في الصحف وفي اقوال بعض المهاجرين، تكون لهم مشجعة واليد التي تشدهم لكن الواقع هو مظلم وفيه أشواك تسيل الدماء أما المواقع فهي تؤدي دورها بذكاء من تجميل وتزوير ،كأن الأحلام في بلدنا انقطع أمالها وحبالها.
وهنا يطرح السؤال ،ماسبب المغادرة؟!
الكثير هم من يريدون الهجرة من صنف الشباب البطاليين الذين تعبو بالبحث والمراوغة من أجل إيجاد عمل يرضيهم ، لكن حينما تقفل أبواب البقاء في وجهك في وطنك ، لن أعاتبك فنحن خلقنا كي نعيش مرة وحيدة ولك الحق في اختيار المكان الذي يناسبك ويعترف بقدراتك ، وهذا لا يعني أنني اشجع على الهجرة ، لا بالعكس وإنما أتمنى وأدعو الدولة إلى أن تجد حلول للتقليص من هذه الظاهرة وأن توفر لهم حقوقهم وأن تطبق القوانين على الجميع كان غني أو فقير بدون استثاء ولا للتمييز العنصري، فالمغرب هو بلد الخير والحق والقانون لكن لماذا لا تطبق ؟ لماذا لا تقسم الثروات على الناس؟ لماذا ولماذا ولا إجابة.
فالهجرة هي كأس كلنا ذائقه وأردت أن أكتب عن القليل من معاناة امهات المهاجرين في سطوري هذه.
الهجرة
صفعتني الحياة ودمع على خدي انهمر
رحلوا وفؤادي محطم بل وانكسر
ودعتهم بسلام ورجوع منتظر
شيب الشعر وما عاد لهم أثر
لم يعودوا وضعف السمع والبصر
هجرة تركتني وحيدة أبكي على الحجر
وأروي عطشي بأمل العودة من السفر
أكل مني الدهر وشرب مائي وانتحر
وتمكن مني المرض وانتشر
وهأنا على تلة جبل أنتظر اللامنتظر
مر عام تلو عام وتشتت العظام والأجسام
لا الرجل تقوى على حملي ولا العقل قادر على فهمي
وحيدة في احظان الظلام
نائمة على رصيف المتمنيات والأحلام
ومن سوف يغفر لي ذنوبي سواك يا رحمان
ومن سوف يجبر كسري غيرك يا علام
رحيلكم عذبني يا خلان
عبرتم البحار والبلدان
ونسيتم أمكم بين الأشجار والوديان
حزينة خائفة على حبيبها وولدها فلان
تشاركها الطبيعة ألا مها وتواسيها للإطمئنان
هنا عصافير تغرد وتنسج الألحان
وهنا نهر يجري بحب ولمعان
والأم تبحث بلا عنوان
بين أكوام الظلم والطغيان
وحنين الأحبة ذبح الكيان
أين أنت يا إبني؟
أين أنت يا فلان ؟
لماذ الرحيل؟ لماذا الهجرة يا أصحاب؟
وإن طال الغياب ، لن أبعد الخيام
فعودتكم أنتظر ولو بعد سنين وأعوام
وإن دفنوني فاعلموا أن لعودتي محال
بقلم سناء أزماط