صحيح أن هطول الأمطار هي علامة خير خاصة بالنسبة للفلاحين المغاربة ، و المهتمين بقطاع الزراعة و المنتجات الفلاحية يرونها من أعمدة إقتصاد البلاد و نموه، لكن أحيانا غزارة الأمطار هذه قد تحمل معها كوارث طبيعية و ذلك نتيجة لكمية التساقطات التي تشهدها مناطق لازالت مع الأسف بنياتها التحتية تعاني من الضعف و الهشاشة، و هذه الأخيرة لم تأتي من فراغ بل طبعا هي نتيجة لسنوات الإهمال و النسيان و التجاهل، من قبيل مختلف مؤسسات الدولة و على رأسها حكومتنا الموقرة ، هذا عدا عن أوجه الفساد والتحايل و التأخر في التحرك و إيجاد حلول بديلة…
و صحيح أيضا أن منظمات المجتمع المدني قد أبانت في أكثر من مناسبة عن تحركها السريع لإنقاذ المواطنين و ممتلكاتهم ، على الرغم من ضعف إمكانياتها و هشاشة تنظيمها مقارنة مع أجهزة الدولة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه مرارا و تكرارا أين هي الدولة في كل ذلك ؟؟ و أين هي مسؤولية الحكومة في تقليص حجم الخسائر و تقديم الدعم للمواطنين ؟؟ أين دور المسؤولين عن تتبع الأرصاد الجوية و لماذا لم يتم إنذار المواطنين المعرضين لهذه الكارثة قبل حلولها؟؟ و لماذا لم يتم التحدث عن هذه التساقطات المطرية الهامة التي شهدتها البلاد قبل هطولها ؟؟
و السؤال الأهم أين تذهب كل تلك الهبات و التمويلات التي تقدم بالملايين و الألافات لما يعرف بالصندوق الخاص بمكافحة مخلفات الكوارث الطبيعية الذي أنشئ عام 2008 ، أين ذهبت كل تلك الأموال الطائلة إذا لم تظهر الآن ، ألم يتم التصريح على أنها ستخصص لتمويل عمليات الإنقاذ العاجلة و مساعدة الساكنة المتضررة ، أين ذهبت كل تلك الوعود التي تم قطعها بخصوص وسائل التدخل التابعة لمختلف المصالح المتخصصة ، و لاسيما مصالح الوقاية المدنية و بناء منشآت الوقاية من الفيضانات ، أين ذهبت الوعود بإحداث أنظمة و شبكات للإنذار و اليقظة، أين و أين و أين…؟؟؟ أم إنها مجرد وعود زائفة ستظل فقط حبرا على ورق و لن يتم تفعيلها على أرض الواقع.
ما يمكن قوله أن هذه الفيضانات لم تكشف فقط عن ضعف و هشاشة البنيات التحتية في مختلف مناطق المغرب ، و تعري عن غطاء الإعلانات الإشهارية الواهية و المخادعة التي تظهر على مختلف القنوات لتتغنى بجمالية التخطيط العمراني و المجالي ، بل إنها أيضا فضحت ما يسمى ب”سياسة تزيين الواجهة” ، التي تعتمدها الحكومة في التعامل مع مشاريعها المختلفة.
و بالتالي فإن الفيضانات التي شهدتها بلادنا و لازالت تشهدها لحد الآن، ليست مجرد كارثة طبيعية بل إنها كارثة من صنع اليد البشرية، حيث كان من الممكن تفاديها أو على الأقل التصدي لها لو كان هناك قليل من التخلي بالمسؤولية و النزاهة و الخوف على مصالح المواطنين .
اعلان
اعلان
اعلان