لقد خلق الله الانسان وأوجده في هذه الحياة، ويسر له سبل العيش فيها واحاطه بالعناية والرعاية من كل جانب منذ ولادته الى آخر يوم في حياته.
لكن الله سبحانه وتعالى مزج هذه الحياة بشيء من المحن و المشاق والمتاعب والشدائد، وهي في حقيقة الامر ابتلاء واختبار ليرى ما نحن صانعون.
ان هذه الشدائد تعكر صفو الحياة وتدخل الهم والغم فتصبح الحياة مضطربة ، مختلة.
ولعل من من أخطر ما يبتلى به الناس هذه الجوائح والكوارث التي تصيبنا على حين غرة نسال الله السلامة ، فتهلك من هلك، و ينجو منها من قدر الله له النجاة :” ليهلك من هلك على بينة” الانفال /42
بيد أن الاسلام أمر المسـلمين بالتحلي بالصبر على هذه المصائب، قال تعالى : ” وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون ” والحق ان هذه الجائحة ” كورونا” من أعظم المصائب اذ تؤدي الى الموت حتما لمن لم يتخذ الاحتياطات ولم يعمل بنصائح المسؤولين والقيمين على الدولة والجهات الرسمية والهيئات الطبية المختصة.
والغريب العجيب أن مجموعة من المواطنين في غفلة من أمرهم ولا أدل على ذلك من عدم امثتالهم للتوجيهات الرسمية وعدم الصبر على المكوث في البيوت والمنازل علما ان هذا قرار صعب من جميع الاطراف . لكن للضرورة احكام .
فالصبر على المكوث في البيت هو احياء للنفس وعكسه قتل لها قال تعالى:” ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعا” المائدة/32.
وفي عدم الصبر على الحجر والبقاء في المنازل، قتل للنفس ومعلوم وزر قتل النفس وخطرها على المسلم قال تعالى: ” من قتل نفسا بغير نفس وا فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا”. وأنت حصيف أيها القارئ الكريم أن الخروج الى الشارع العام بدون حاجة ملحة ، يعتبر من الفساد في الأرض خاصة في هذه الفترة فترة الحجر الصحي ، ولعمري هل هناك فساد أكثر من نشر فيروس كورونا بين اخوانك وأهلك، وعدم الصبر على الوباء والمكوث في البيوت . وهذا كما قال تعالى اهلاك للنفس والتعدي على أنفس الآخرين قال تعالى: ” ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة ” البقرة /195.وقوله :” ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما” النساء /29.
ولعل في التحلي بالصبر و تحمل بعض الأذى هو من سنة رسولنا الكريم و صحبه والتابعين . ففي القرآن ايات عديدات تتكلم على الصبر نذكر بعضها للاعتبار والاتعاظ واقتداء بسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم قال تعالى:”انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” الزمر/11. فاجرالصابرين عظيم وجزيل بفضل من الله سبحانه وتعالى.
وقال عزمن قائل: “ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين”فالمحن والتضييق على العباد من الله سبحانه
مقصود لغاية وحكم يعلمها الله ولعل من بينها الرجوع اليه والتوبة والانابة .
والصبر مع التوبة والاستغفار سنة الصالحين الذين ابتلاهم الله وصبروا و على رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام .
فهذا عمر رضي الله عنه رجع ولم يدخل عمواس لما اخبر انه بها الطاعون فرجع ، فسئل في ذلك ، اي قيل له : ” اتفر من قدر الله ” فاعتقد بعض محدودي الفهم انه خاف من الموت، وسبب اعتقادهم هذا الاعتقاد هو الفهم الخاطئ لمعنى القضاء والقدر ، والفهم الخاطئ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: ” لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ولا نوء ولا غول، ويعجبني الفأل ” أخرجه مسلم . وقد نعود لشرحه في فرصة قريبة ان شاء الله.
فبماذا أجاب عمر القوم قال: ” نعم، نَفِر من قَدَر الله إلى قدر الله”، ثم اردف سيدنا عمر موضحا ومفسرا ومبينا مغزى فهمه :”أرأيتَ لو كانت لك إبل فهبطت واديًا له عُدْوتان، إحداهما: خِصْبة، والأخرى: جَدْبة، أليس إن رعيتَ الخِصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله”. فافحم السائلين .
فالراعي في الخصب يرعى بقدر الله ، وعكسه في الجذب يرعى بقدر الله ، فلا يخرج احد عن الارادة الالهية.
وغاية ما نرمي له من هذا العرض هو ان الصحيح السليم البدن ملزم بالبقاء داخل بيته او مدينته فلا يخرج المريض ولا يدخل الصحيح درءا لكل مشكلة وسدا لكل ذريعة. وليصبر كل واحد وكل فرد على ماهو فيه حتى يذهب عنا ما نجد ولنعلم: ” انه لكل أجل كتاب” ولاحول ولاقوة الا بالله
نسأل الله أن يرفع عنا البلاء والفتن ما ظهر منها وما بطن وان يحفظ بلادنا آمين.
اعلان
اعلان
اعلان