بقلم الدكتور خالد الشيات
يبدو أن هناك قناعة واحدة بسلوكين مختلفين؛ قناعة المصلحية أو النفعية من التصويت بسلك طريقين، الأول هو مبدئي إصلاحي بالمعنى الذي يبقي لدى المغاربة خلفية سياسية إصلاحية منافية لقيم الفساد في الممارسة السياسية، لذلك تجدهم يجربون كل الحاملين لمشاريع إصلاحية بمختلف التلاوين السياسية والاديولحبة، ويعطون الفرصة لمدعي الإصلاح باعتباره مطلبا مستمرا واساسيا لبناء مغرب تسوده التعادلية والمساواة على المستوى الاقتصادي بالخصوص، اي ان المغاربة لديهم قناعة بضرورة الإصلاح السياسي باعتباره عملية نفعية على المدى المتوسط والبعيد، وليس باعتباره يتوجه إلى طبيعة النظام السياسي ذاته، حيث توجد قناعة مترسخة لدى الأغلبية العظمى تعتبر النظام السياسي المغربي مقبولا في جوهره غير قابل للمجادلة في وجوده.
السلوك الثاني هو احتياطي ان شئنا القول، او آني، رغم انه أغلب ما يسلكه المغاربة في تصويتهم، وهو يقوم على رد الفعل اتجاه الانساق الإصلاحية الفاشلة بالخصوص، اي ان المغاربة يمكن أن يضعوا أصواتهم فيمن جرب سابقا واعتبر غير مناسب للإصلاح، بالمفهوم الاديولوجي، لكنه يؤدي وظيفة عملية وواقعية من خلال قربه من محيط التوزيع السلطوي للقيم والمزايا، المحيط الذي يمكن أن يلبي الرغبات الآنية ذات الطبيعة المادية بالأساس، ان هذا لا يعني سحب الصفة الحزبية أو الوطنية من أحزاب المحيط القرب الضيق لمصادر التوزيع، لكنه يعطينا إمكانية لفهم ذكاء المغاربة في عملية التصويت في الانتخابات، هو ذكاء لا يرتبط بمستوى معرفي، وهو يحدد أنساق المنتظم السياسي الذي يجعل الأحزاب تعرف الأدوار المنوطة بها من خلال العملية الانتخابية، وضمن مسارات المحيط الحائز على سلطة التوزيع الحقيقية، لا يمكن للإصلاح ان يكون نابعا من القاعدة متجها إلى القمة إلا إذا ساندته ظروف اجتماعية أو دولية أو غيرها، عندها يستطيع المنتظم أن يتكيف مع المطالب الصاعدة ويمكنه أن يستجيب بالقدر الذي يراه ملبيا لحجم الإصلاحات المقبولة والواقعية لأنه نظام لديه ذاكرة ونظام تاريخي ويحكم من خلال مراكمة السلطة وليس من خلال التصور والتنظير، وهو الشيء الذي يبقى المنتظم السياسي المغربي يتفرد بهذه الخصوصية التي تصنع منه الاستثناء الحقيقي.