لم يكن منتظرا و متوقعا لدى الكثيرين من المغاربة،ان يغيب بشكل ملفت للنظر المجتمع المدني و السياسي في القيام بدورهما و واجبهما ازاء المواطنين في مواجهات التداعيات و الاثار الصحية و الاجتماعية و الاقتصادية المترتبة و الناجمة عن جاىحة وباء كوفيد19 المستجد، الى جانب دور السلطات و القوات العمومية من اجل التحسيس و التوعية و الثتقيف و التواصل مع المواطنين على ارض الواقع،و العمل على تسهيل ماموريتهم و ترك لديهم انطباعات تشعرهم بالامان، و تحسهم بالوحدة و التماسك الاجتماعي وذلك بتعزيز سبل التضامن و التأزر،في ظل ازمة وطنية و عالمية خانقة لها انعكاسات جد سلبية على نفوسهم و اوضاعهم الصحية و الاجماعية و الاقتصادية.
من اصل 160 الف جمعية مسجلة ببلادنا، لم تقوم سوى قلة قليلة منهم بمبادرات انسانية محلية محصورة غير شافية و لا ترقى الى تطلعات المواطنين،علما أن الدولة ترصد ما يزيد عن 6 ملايير درهم كدعم عمومي لفائدتها، اما على المستوى السياسي اكتفى نواب الامة بتقديم مساهمة مادية محتشمة جد هزيلة و بىيسة مقارنة مع الاموال المرصودة لحمالتهم ودعايتهم الانتخابية، و التي حددت في اجرة عمل لشهر واحد لفائذ صندوق التضامن الوطني لمواجهة الاثار الاجتماعية و الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا، و الاكتفاء باصدار بلاغات لغوية روتنية يتيمة فارغة منسوبة لدواوين و مكاتب سياسية لاحزاب من داخل الاتلاف الحكومي و خارجه، ربما لم يطلع على مضمونها وكلامها سوى نسبة ضىيلة من الاعضاء و المنتسبين لها.
ان حجم سهام الانتقاذات اللاذعة الموجهة للسياسيين و الجمعويين ،بسبب اداىهم السلبي و تقاعسهم الملحوظ في القيام بدورهم و واجبهم،و ضعف مساهمتهم في مواجهة فيروس كورونا العدو الذي يهدد حياة و سلامة المواطنين،يعكس و يترجم جليا مستوى التذمر و اليأس اللذان لحق بالشعب المغربي اثناء ادراكه ان الساسة و الجمعويين الذين كانوا بالامس القريب يفقهون في كل صغيرة و كبيرة،و يرفعون اصواتهم الرنانة بقبة البرلمان و يستعرضون عضلاتهم امام عدسات الكاميرات و الميكروفونات،و يجيدون ركوب الامواج والتزلج على الجليد،يدعون الصدق و الامانة و الاخلاص و مبادئ الشفافية و النزاهة،و التضحية و الوطنية الزاىدة.كانوا ابطال و زعماء و خبراء ايام العام زين و تحولوا بقدرة قادر منذ اعلان اول حالة اصابة بفيروس كورونا يوم 02 مارس 2020 الى اشباح،و طبقوا الحجر الصحي على نفوسهم الى جانب الحجر السياسي فاصبحوا محجورا عليهم صحيا و سياسيا في زمن كورونا الخبيث.
وضعوا قبعاتهم السياسية و الجمعوية جانبا،و دخلوا في حجر منزلي صحي، جمعوي و سياسي،يترقبون عن بعد من خلال شاشة التلفاز هواتفهم الخلوية المستجدات وارقام حالات الاصابات المؤكدة و الوفيات المسجلة بسبب كوفيد19 ،يشاهدون و يتابعون القايدة حورية تجوب اسواق و ازقة الاحياء الشعبة رفقة المقدم و عناصر القوات العمومية و اعلاميين،و هي تناشد المواطنين بالالتزام بتعليمات الحجر الصحي،وذلك دون مشاركة او حضور ممثل الساكنة و المرشح و المنتخب عن الدواىر و المقاطعات و الجهات.
في زمن كورونا غابت عناصر النفاق السياسي،و اسدل الستار عن حقيقة وجوه كثيرة، واقع ادرك معه المواطن المغربي حقيقة زيف اللعبة السياسية و محدودية دورها أثناء واوقات المحن و الشدائد و الصعاب،لغياب مساهمتها ببرماج استتنائية خاصة بحالة الطوارئ وادارة الازمات،حيث ظل دورها منعدما في ظرفية تاريخية استتنائية و حرجة.
لأزمة كورونا اثار وخيمة على مختلف جوانب و مظاهر الحياة،لقد ساد معها نوع من الذعر و القلق و الخوف لدى الافراد و الجماعات و الشعوب،بسبب خطورة فيروس كوفيد19 على صحتهم و حياتهم و حياة ذويهم،علاوة عن الظغوطات النفسية التي يشهدها المجتمع ككل، فللمسانذة و الدعم المعنوي والنفسي دور اساسي باعتبارهما من دعائم و ركائز الامان و الاطمئنان،حيث يساهمان كثيرا في الرفع من روح المعنويات لدى الجماعات والافراد،هذا الدور المحوري و الاساسي غابت عنه كذلك مساهمة و تدخل المجتمع المدني و النخب السياسية، فضلا عن ضعف تواصلهم مع المواطنين بغرض الثتقيف و التحسيس والتوعية.
ازمة كورونا كشفت عن واقع الحال،كما اعلنت صراحة و علانية عن اخفاق تنظيمات و مؤسسات،و الحمد لله ان للمغرب ملك حكيم قائد المعركة ضد فيروس كورونا،و العزة لابناء هذا الوطن المخلصين من اطباء وممرضين وقوات عمومية وادارة ترابية و عمال و عاملات النظافة و غيرهم من المتدخلين المرابطين اليوم على خط النار مع كوفيد19 فلندعوا لهم جميعا بالنصر والتوفيق و السلامة.