تشهد الصحافة المغربية اليوم عدة أزمات، وتواجه صعوبات عدة، خاصة في ما يتعلق بحرية الصحافة والإعلام، التي تواجه أنماطا كثيرة من القمع، خاصة مع سن بعض القوانين المقيدة لها، تزامنا مع أزمة كورونا المستجد التي ترخي بضلالها على كل القطاعات.
أوضح رئيس منظمة حرية الإعلام والتعبير “حاتم”، محمد العوني، في تصريح لمنبر 24، أن “حرية الإعلام في المغرب تعاني من الكثير من الإختلالات التي تجعل هذه الحرية تطرح عليها الأسئلة في الوجود وفي كينونتها، هل هناك حرية الإعلام في المغرب أم لا يمكن الحديث عن هاته الحرية؟”.
وأبرز العوني أن حرية الصحافة مجال مهمل من قبل السياسات الحكومية وسياسات مؤسسات الدولة عامة، مشيرا إلى أنه لم تصدر أي جهة عمومية رسمية بلاغا أو نشرت مواضيع أو عبرت عن موقف بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي كان الأحد المنصرم.
واعتبر أنه لم يتم التوقف عند هذا اليوم بكل مضامينه ومعانيه المطلوبة في إحياءه، ما “يفيد بأن القضية مطروحة لكن تترك للنسيان أو للتهميش لأنه لا زال هناك في المغرب من يعتبر أنه من الأفضل عدم إثارة قضايا حرية الإعلام”.
وفي هذا السياق، سطر رئيس المنظمة على كون الإعلام في المغرب يواجه قمعا كبيرا، “لكن الخطير هو ليس فقط القمع المباشر وإنما هو القمع غير المباشر، وهو التخطيط والعمل على جعل الإعلام يبتعد عن وظائفه بل ينقلب إلى عكسه”.
وأوضح العوني أن مشروع قانون 22.20, الذي صدر أخيرا والمتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، يندرج ضمن القمع غير المباشر الذي تتعرض له حرية الصحافة المغربية كونه “يعطي للقضاة وللعدالة نموذجا لكيفية التعامل مع الرأي كيف ما كان هذا الرأي”.
وشدد المتحدث على أن “الخطير في القمع غير المباشر هو أن القيود لا تصبح ظاهرة كما لو أنها قيود حريرية لا تظهر على أيدي وأقلام وميكروفونات وكاميرات الإعلاميين”، ما يقيد الصحافة ويحرفها عن تأدية الدور المنوط بها.
ولفت العوني إلى كون بعض من تطفلوا على مهنة الإعلام يعتقدون أن الإعلام هو “التطبيل والتزمير” للسلطة وللمسؤولين و”التشهير” بالمعارضين وإخفاء الحقائق وأنه الوطنية الزائفة، والتي يرونها قواعدا مشرعنة ومشرعة لإعلام “المسخ والتفاهة”.
وسطر رئيس المنظمة أن الخطورة الأكبر ليست في ما ورد في مشروع القانون من بنود واضحة الخطورة وقليلة الشرعية أو منعدمة الشرعية الدستورية والديمقراطية والحقوقية، وإنما في تفكير الحكومة في كيفية تكميم الأفواه وإقفال أبواب التواصل الرقمي التي بقيت وحدها للتعبير ولحرية التعبير المواطنات والمواطنين، عوض التفكير في في ما ستؤول له انعكاسات جائكة كورونا المستجد.
وفي هذا الصدد، اعتبر العوني قرار الحكومة، الذي أصدرته أخيرا، بتجميد مشروع “تكميم التواصل الرقمي”، استجابة “بالإرغام”، نظرا لليقضة التي عبرت عنها منظمات المجتمع ونشطاء الانترنيت، كون الفورة التي قامت عبر هذه الشبكات ووسائل البث جعلت القضية تصبح قضية وطنية.
وجدير بالذكر أن محاولة الحكومة عبر هذا القانون “المشؤوم” قد كانت لها سابقتها، في أواخر 2013 وبداية 2014، عبر مدونة سميت آنذاك ب”مدونة القانون الرقمي”، إلا أنه تم إسقاطها بنفس الأسلوب وبنفس رد الفعل القوي من طرف نشطاء الانترنيت، وكانت منظمة حرية الإعلام والتعبير “حاتم” من بين المنظمات التي أسهمت في ذلك.
ومن جهته، أبرز هشام بنلامين، عضو المكتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية، في حوار مع منبر 24، أنه قد تم سحب مشروع القانون 22.20، نهائيا لأنه بدأ في مسطرة التشريع، وسيعاد فيه النقاش بطريقة تشاركية بعد مرور أزمة كورونا، مضيفا “هل سيمكن دستوريا وقانونيا سحبه نهائيا أم أنه سيجمد إلى أجل غير معلوم لا ندري”.
وشدد بنلامين أن هذا القانون لن يمر بالصيغة القديمة، بسبب رفضه من قبل حزب العدالة والتنمية، الذي هو الشريك الأساسي في الحكومة، ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، كما رفع كل من وزير حقوق الانسان، مصطفى الرميد، ووزير الشغل، محمد أمكراز، مذكرة في الموضوع، باعتبارهما عضوان في اللجنة الوزارية الى جانب الأمين العام للحكومة محمد حجوي ووزير العدل.
وحذر المتحدث أنه “في حال ما تم أعادة النقاش فيه وعاد بصيغة تزجر الحرية فهذا سيمس بالمواطنين أساسا في حرياتهم وسيمس بالدستور وكذا الصحافة الوطنية وسيحجر عليها أكثر”.
وفي هذا الصدد، أبرز أن هذه المسودة تتناقض فعليا مع الدستور المغربي، خاصة في مادتيه 6 و25 اللذان ينصان على حرية التعبير، ويتناقض كذلك مع المعايير الدولية بالخصوص المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، كما جاء في المذكرة التي قدمها الرميد.