“التسويق الترابي” صار يشكل مفهوما جديدا، يتداوله العديد من المهتمين بالشأن المحلي والجهوي، نظرا لما يتيحه من فوائد على الجماعات الترابية في مجال جلب الاستثمار وخلق فرص الشغل.
إن تصاعد دور الجهات في النهوض بالأوضاع الإقتصادية داخل نفوذها الترابي، فرض عليها تبني استراتجية محكمة لتسويق ترابها، كمنتوج يتميز بمؤهلات اقتصادية وثقافية، ذات جاذبية قادرة على جعلها وجهة مفضلة من قبل المستثمر الوطني والأجنبي. هذا ما تطرق له القانون التنظيمي للجهات في المادة 80 منه حينما تطرق لتحسين جاذبية مجالها الترابي، وتقوية تنافسيتها الاقتصادية.
تحديات المنافسة تفرض بأن تتقمص المجالس الجهوية أدوار المقاولة ( الجهة المقاولة ) في تدبيرها لأمور التسويق الترابي، وهذا يحتم خلق إدارة مواكبة لتدبير التسويق، متمكنة من أدوات السوق، عبر الترويج المهني لمؤهلات الجهة، و إبراز ما تزخر به من طاقات بشرية و طبيعية وموروث ثقافي ( مصلحة بالهيكل التنظيمي مختصة بالتسويق الترابي ).
التدبير الجيد للتسويق الترابي، كآلية للتعريف بالجهة اقتصاديا وثقافيا…، يجعل من المجال الترابي منافسا لمجالات ترابية كانت تحظى بالأسبقية في مجال الإسثتمار، بل احتكرت ذلك لعقود من الزمن، مما خلق فوارق كبيرة في الاسثتمار دفعت بالدولة الى سن قانون جديد للاستثمار، يدعم المقاولين الذين يرغبون في تشييد مصانع ومقاولات بالمناطق التي لازالت بعيدة عن تحقيق معدلات تنموية مقبولة.
إن التغييرات الاقتصادية المتسارعة المتمخضة عن عولمة الاقتصاد واحتدام المنافسة، وما نتج عنها من حرية في انتقال السلع والخدمات والكفاءات، وأيضا في المعلومات، دون الأخذ بعين الاعتبار لأية حدود جغرافية أو زمنية، أضف الى ذلك ما عرفته تكنولوجيا الاتصالات والتواصل على مستوى العالم، قد جعلت من تملك المعلومة الاستراتيجية مدخلا أساسيا لخلق اقتصاد تنافسي؛ حيث ارتبط تحقيق النمو بمدى القدرة على توفير المعلومة اللازمة.
فبناء استراتجية للتسويق الترابي تقتضي مواكبة هذا التطور ، وذلك بالاعتماد على سياسات أكثر انفتاحا، تمكن من الاستفادة مما تتيحه تكنولوجيا المعلومات والاتصال والاستشارة، والقدرة على التواصل السريع والاني، والعمل على صناعة سياساته العمومية والترابية بناء على نظم ذكية، بشكل يوفر المعلومة ويسمح بالحصول عليها داخليا وخارجيا تحقيقا للإشعاع المطلوب بهدف استقطاب الاستثمارات والرساميل.
الجهة المجال الترابي الأنسب لبلورة سياسات ترابية واستراتيجيات تنموية، لذلك فإن تبني الفاعلين الجهويين للذكاء الترابي، سيمكنهم من التوفر على المعلومة الاستراتيجية الضرورية الكفيلة بصناعة القرار المناسب والجيد، لما يتيحه من معرفة دقيقة بإمكانيات وقدرات المجال الجهوي، وكذا نقائصه واحتياجاته والمعوقات التي تعترضه خلال عملية التنمية، كما يمكنهم من توفير المعلومة للشركاء الاقتصاديين والمهتمين بالاستثمار به، بشكل يؤهله للتنافسية الاقتصادية ويمكن من تسويقه في ظل عولمة الاقتصاد والمجال.
إعداد استراتجية التسويق الترابي لجهة بني ملال خنيفرة، في اعتقادي المتواضع، يجب أن يعتمد على كل هذه الوسائل والادوات التي ذكرناها، من اجل توظيف مناسب للمؤهلات الطبيعية (سهل ذو مدار سقوي مهم، معادن: فوسفاط …، شلالات، بحيرات، منتزه جيوبارك مكون …) والمناطق الصناعية ذات جاذبية بفعل الدعم المقدم من طرف مجلس الجهة، والموقع الجغرافي المهم، الذي يتوسط أربعة جهات في المغرب ( الدارالبيضاء، مراكش آسفي، مكناس فاس، درعة تافيلالت) والذي يمكن وصفه بقلب المغرب، حيث يستطيع المستثمر إيصال منتوجاته الى أغلب مناطق المغرب في ظرف زمني لايتعدى في الغالب ساعتين.
استغلال الموقع الجغرافي المتميز، والمؤهلات الطبيعية، بالإضافة الى توفر يد عاملة مؤهلة ورخيصة، اذا ما عملت مدينة الكفاءات والمهنة بوثيرة اسرع، بالمقارنة مع الجهات التي تحظى بحصة الأسد في الاستثمار، زد على ذلك تدني تكلفة مستوى المعيشة، كل هذه المميزات تجعل من جهة بني ملال – خنيفرة مرشحة لاستقطاب الاسثتمار ، الذي يبحث عن عروض أفضل، تمكنه من تقديم منتوج بأرخص الأثمان، وقادر على المنافسة.