اعلان
اعلان
مقالات الرأي

عندما يقف أبناء البادية ضد التنمية

اعلان
اعلان

 

من يقرأ لأب السوسبولوجيا القروية بالمغرب ” بول باسكون ” يتأكد له أن المجتمع القروي المغربي مركب بل معقد، ولا يمكن فهمه بسهوله، لذا فإن تنزيل البرامج التنموية يكون بالصعوبة بمكان.. وفي هذا المقام تذكرت سنة 2006 عندما عبأت الجمعية التي كنت أنتمي إليها في ذلك الوقت مشروعا يندرج في إطار ترقية السياحة القروية بشراكة مع سفارة فرنسا بالمغرب، كنت من أشرف على صياغة وثيقة المشروع و بلغة موليير . أحسست وقتها بإنتشاء عارم عندما تم قبول المشروع المتمثل في إصلاح بعض المنازل العنيقة وجعلها مآوي سياحية Gîtes touristiques. كانت المحطة الصعبة تتجسد في إقناع أصحاب المنازل لوضعها رهن إشارة المشروع. من كانوا قريبين من الجمعية اقتنعوا، و من هم غير ذلك تنطعوا و رفضوا وتخوفوا من فقدان هذه المنازل بعد الإصلاح. لم تنفع معهم عمليات التجسبس و لا عمليات الإقناع المتكررة، لم يفهموا أننا نحمل قيما و رسائل في الحياة نجسدها عبر هذه البنية المدنية / الجمعية لتنزيل برامج تسهم في خلق ديناميات محلية .لم نكن نتبنى ثقافة الإحسان، عكس المستفيدين و نسبة كبيرة من المحيط الذين لم يستسيغوا أننا ” كنديروا الخير حسب فهمم ” و اعتبروا أننا ” أخذنا حصتنا من الكعكعة ” .قال لي أحدهم ” أنا ما فهمتش علاش كديروا هاد الشي .باينة راكو ضاربين حقكم ” . فهمت ان العقلية السائدة تعتبر أن الطريق الوحيد لإنتاج الثروة من خلال امتلاك وسائل الإنتاج الفلاحية كزراعة الأرض غير ذلك يعتبر دخيلا عليهم و بأخذ الرفض تمظهرات عدة من قبيل الاتهامات المجانية . لقد أعطيت هذا المثال لأوكد أن التنمية في المجتمع القروي صعبة، وقد تجد شخصا برفض ربط منزله بشبكة الكهرباء لا لشيء إلا لأنه متنازع مع جاره الذي سيستفيد أيضا. الطبيعة القانونية للعقار تعتبر أيضا مجال صراعات دموية بين أبناء القرية الواحدة وخاصة الحدود بين الأراضي التي تنتج قتلى بين الفينة و الأخرى. مجال الإرث بين الأسرة الواحدة يسبب أحقادا تتوارثها الأجيال المتعاقبة وهذا خطير على التماسك الإجتماعي. المرأة تكون في غالب الأحيان ضحية الإرث. فتجد مثلا الأخوات لا يستفدن من قطع أرضية معزولة بل تجد إرثهن مجزأ و مرتبط بأراضي إخوانهن وهي طرق تدليسية لتسهيل عمليات الاستحواذ و تشتيت الملكية في مجتمع باطريركي بامتياز . فالتنمية في المجال القروي صعبة التنزيل تزكيها البنية السوسيولوجية و الانطروبولوجية الغير داعمة كالبنية القبلية المعرقلة. فالتنمية تحتاج إلى تحديث المجتمع حتى يتم تأطيره وفق تطور العصر .فالمهندس و السوسبولوجي الشهير بول باسكون لم يخطئ على ما أعتقد .ولكم واسع النظر .

اعلان

 

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى