عزيز المسناوي
وجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون مساء أمس الثلاثاء، خطابا مباشر للشعب المغربي عبر مقطع فيديو على حسابه على منصة “إكس” (توتير سابقا) عبر من خلاله عن وقوف فرنسا إلى جانب المغاربة في هذه المحنة الأليمة وقال : “نحن هنا، ومستعدون لإرسال مساعدات إنسانية مباشرة”، مضيفا : أتمنى أن تتوقف كل هذه الخطابات الجدلية التي ليست في محلها والتي تعقد الأمور في هذه اللحظة المأساوية”، في إشارة عدم سماح المغرب لفرنسا بالمساعدة في أعمال إغاثة ضحايا الزلزال على حد تعبيره، مجددا في الوقت ذاته “إستعداد باريس لتقديم يد المساعدة في جميع المجالات التي قد يرى المغرب أننا سنكون مفيدين له فيها”، خاتما كلامه بالقول: “نحن معكم الآن وغدا”.
بهذه الكلمة المصغرة للرئيس الفرنسي ظن أن فرنسا تستطيع تذويب جبل الثلج الذي خيم على العلاقات المغربية الفرنسية بسبب الموقف الرمادي لباريس من سيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، إلا أنها أثارث موجة غضب عدد من المغاربة الذين إعتبروها تطاولا على السيادة الوطنية للمغرب وأن خطاب إيمانويل ماكرون خطاب إنساني يلبس بذلة إستعمارية قوامها التفرقة ويحمل بين كلماته رسالة مشفرة ومبطنة للمغاربة مفادها أن الدولة المغربية تتحمل المسؤولية في عدم السماح لفرنسا من أجل التدخل لمساعدتهم، مؤكدين في نفس الوقت أنه غير مقبول من رئيس دولة أجنبية توجيه خطاب مباشر لشعب دولة أخرى.
طارق بوطيبي، رئيس حكومة الشباب الموازية، علق على خرجة الرئيس الفرنسي بالقول إن خطاب الرئيس إيمانويل ماكرون تجاوز حدود اللباقة ليخاطب أمة ليس بأمته محاولا تنصيب نفسه معلما يحاول تلقين الشعب المغربي الأبي أبجديات التضامن والتازر في المحن، نحن الذي هب الفتى والكهل، الطفل و الشيخ لتلبية نداء الواجب والاصطفاف وراء قائد الأمة الملك محمد السادس.
وأضاف بوطيبي في تصريح لجريدة منبر 24 الإلكترونية، أن ما عبر عنه المسؤول الدبلوماسي السابق في وزارة الدفاع الفرنسية “أرنو دانجيان” حينما أفاد أن “فرنسا تحتاج إلى رسم أولويات واضحة في سياستها الخارجية، لكنها حاليا مسجونة داخل تصورها عن نفسها بأنها قوة كونية” يفسر الطريقة الفوضوية التي يدبر بها الرئيس الفرنسي السياسة الخارجية لبلاده محاولا تكريس فكرة “رفعة فرنسا” عند باقي الشعوب.
وخلص إلى أن صور المتطوعين الحاملين للمساعدات على أكتافهم أدهشت العالم بأسره، متحدين الصعاب ومتسلحين بقيم الإيثار التضحية التضامن و التازر.
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي، عادل بنحمزة، في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” إن توجيه خطاب مباشر للشعب المغربي معناه ان جميع القنوات الرسمية أغلقت بين البلدين، مضيفا، أنه ليس من مقبول من رئيس دولة أجنبية توجيه خطاب لشعب دولة اخرى، وان البولميك الذي تحدث عنه ماكرون بخصوص سعار الإعلام الفرنسي هو نتيجة طبيعية لأداء الرئيس ماكرون وحكومته، مبرزا أن المغرب يعيش لحظة حزن وطنية وليس له ما يكفي من الوقت للحديث في قضايا تمثل شرخا كبيرا في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وكتب أحد المعلقين بأن خطاب ماكرون خطاب بنفحة إستعمارية، بعدما أغلقت في وجهه الأبواب الرسمية للبلاد يحاول التودد للمغاربة بخطاب مهزوز متناسيا أن هذا الشعب يملك ذاكرة قوية و أنفة ويرفض الود المصطنع، مؤكدا بأن خطاب ماكرون ما هو إلا محاولة لتبيض موقفه الإنتخابي أمام القاعدة الإنتخابية للجالية المغربية في فرنسا التي كان يعتمد عليها، محاولا إيجاد موطىء قدم له في المشهد السياسي الفرنسي مستقبلا.
كلام ماكرون كان يمكن أخذه بعين الاعتبار وأخذه على محمل الجد لو أوقفت فرنسا مناوراتها العدائية ضد المغرب والمغاربة، والصحافة الفرنسية وسط الزلزال لم تتوقف عن مهاجمة المغرب ورموزه إثر قبوله بعروض المساعدة المقدمة من أربع عواصم فقط دون باريس، وترويجه لما أسماه “الرفض المغربي لتلقي المساعدات”، رغم التوضيحات المغربية بأنها تتعاطى مع عروض المساعدة الدولية كان بناء على مقاربة تراعي بالدرجة الأولى إحتياجات المملكة.
خطاب ماكرون المباشر للمغاربة دون المرور عبر القنوات الدبلوماسية والرسمية، يمكن اعتباره وتصنيفه علاجا أسوأ من الداء.