اعلان
اعلان
ثقافة وفن

بورتري حول الفنان المسرحي الراحل الطيب الصديقي

اعلان
اعلان

خولة السهلاوي

بين أروقة المسرح وجد نفسه، متيم و يخطو خطاه بطاقة إيجابية متجددة ، هو فنان
مسرحي مغربي عاشق للإبداع و التميز ، “الطيب الصديقي” وجد نفسه في شخصيات كل منها تسرد حكايتها بلسانه و تعابيره ، تقمص و تشخيص… ،عازف هو على خشبة أبو الفنون دون آلة،”حركات ، تعابير ، صوت …” .
لم يقتصر يوما على تجسيد الأدوار فقط، بل بدأ يشق طريقه في التعريف بالمسرح المغربي سواء في أوروبا أو في العالم العربي، كان هاجسه الكبير منح المسرح المغربي هويته وخصوصيته التراثية دون الاستغناء عن روح العصر.
صاح عاشق المسرح ” الطيب الصديقي” أول صيحاته في الحياة عام 1937 في مدينة الصويرة بالمغرب، في بيت علم.
تلقى تعليمه الابتدائي بمدينة الصويرة، وحصل على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) بمدينة الدار البيضاء، وهو في السادسة عشر من عمره شد الطريق إلى فرنسا لاستكمال المسار الدراسي، فحصل على البكالوريوس في شعبة الآداب،دون الإبتعاد عن الفن يوما ، تلقى دورات تكوينية مسرحية قبل أن يعود إلى وطنه بلهفة فنية لاستئناف نشاطه الفني، و معانقة واليه”المسرح”،إذ اشتغل الصديقي ممثلا مسرحيا وسينمائيا، وشكل عدة فرق مسرحية.

اعلان

تولى منصب مدير فني للمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، ثم مديرا للمسرح البلدي بالدار البيضاء (1965-1977)، وعين لسنتين وزيرا للسياحة (1980-1982).
تعددت الوضائف و المسؤوليات التي مارسها موليير المغرب ،لتتعدد معها تجاربه الفنية ؛ بدأ الطيب الصديقي ممثلا بـفرقة التمثيل المغربي، سميت بعد ذلك “فرقة المركز المغربي لـلأبحاث المسرحية”، بعد عودته من فرنسا طلبت منه نقابة “الاتحاد المغربي للشغل” تكوين فرقة “المسرح العمالي” سنة 1957 بمدينة الدار البيضاء، حيث قدمت في موسمها الأول مسرحية “الوارث” عام 1957،
و قدم مسرحية “بين يوم وليلة” لتوفيق الحكيم، فمسرحية “المفتش” عام 1958، وفي سنة 1959 قدم مسرحية “الجنس اللطيف” المقتبسة عن أريستو فان.

و أثناء انشغاله بالمسرح العمالي، استمر بشكل عرضي، داخل “فرقة التمثيل المغربي”، حيث شارك في مسرحية “مريض خاطرو” التي مثلت المغرب رسميا في مهرجان الأمم بباريس عام 1958.
و في بداية موسم 1960-1961، طلب منه مدير المسرح البلدي بالدار البيضاء، روجي سيليسي إنشاء فرقة تتخذ من المسرح البلدي مقرا لها، أصبحت تحمل اسم “فرقة المسرح البلدي”، قدمت في موسمها الأول مسرحية “الحسناء” التي اقتبسها الصديقي عن “أسطورة ليدي كوديفا” لجان كانول، ثم “رحلة شونغ لي” لساشا كيتري، و”مولاة الفندق” المقتبسة عن”اللوكانديرة” لكولدوني.
وقررت الفرقة إعادة أداء مسرحية “الوارث” التي قدمها المسرح العمالي، قبل أن يضع حدا لنشاطه في المسرح البلدي في مارس 1962، وينشأ فرقة تحمل اسمه في العام الموالي.

استقر في إحدى القاعات السينمائيـة (سينما الكواكب) في أحد الأحياء الشعبية بالدار البيضاء، وبها قام بإخراج مسرحية مقتبسة عن “لعبة الحب والمصادفة” للكاتب الفرنسي ماريفو.

اعلان

تابع الطيب الصديقي طريقه الفني، إذ ألف عام 1966 أول مسرحية “في الطريق” التي سيحولها هو نفسه إلى فيلم سينمائي بعنوان “الزفت”، وهي مسرحية اجتماعية، تعالج ظاهرة الأولياء (الأضرحة)، وفي نفس الموسم، قدم مسرحية “مدينة النحاس”.


انتقل بعدها إلى المسرح العالمي والعربي، من خلال الاقتباسات التي قدمها، وأظهر من خلالها فهمه العميق لحركة المسرح الكلاسيكي والطلائعي الجديد في العالم، وقدرته على التواصل مع أفكاره وخطابه، حيث تعامل في المرحلة اللاحقة مع التاريخ في فترات متقطعة، قبل أن يغوص في التراث الذي ركز اهتمامه عليه.


و في طريق نجاحه وقع المسرحي الكبير ، على أعمال مهمة مستلهمة من التراث المغربي والعربي والاسلامي، وواكب الحركة المسرحية الحديثة بالمغرب، منذ انطلاقتها بعد الاستقلال، وعايشها عن قرب عبر كل تحولاتها وازدهارها وانتكاساتها،من بين أهمها :
ترجم الطيب الصديقي واقتبس أكثر من ثلاثين عملا دراميا، وكتب أكثر من ثلاثين نصا مسرحيا باللغتين العربية والفرنسية، وأخرج العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية والأشرطة الوثائقية، ومثّل في عدد من الأفلام الأوروبية والعالمية، منها فيلم “الرسالة”.

اهتم بالفن التشكيلي، وساهم في تأليف كتاب حول الفنون التقليدية في الهندسة المعمارية الإسلامية.
واشتهر بأعمال مسرحية مثل “مقامات بديع الزمان الهمداني”، و”سلطان الطلبة” و”ديوان سيدي عبد الرحمان المجذوب”، ومسرحية “مولاي إدريس”، ومسرحية “عزيزي” التي كانت آخر عمل درامي قدمه عام 2005 قبل أن يقعده المرض.


أعمال و نجاحات، كانت الجوائز والأوسمة عربون إعترافا بها،إذ حصل الطيب الصديقي على عدة أوسمة، منها وسام العرش عام 2008، وكرِّم في محطات عديدة داخل المغرب وخارجه.


ليكون 5 فبراير 2016، يوم وفاة عاشق المسرح ،موليير المغرب، بعد صراع مع المرض.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى