اعلان
اعلان
مقالات الرأي

طاطا: نصفها ذهب بمناجمها ونصفها الآخر غارق في السيول والتهميش

اعلان
اعلان

اعمر امحمد

إن مدينة طاطا، القابعة في أقصى جنوب شرق المغرب، لتُرى مثالاً جلياً للفارق الشاسع بين غنى الأرض وعوز الأهل. ورغم ما تكتنزه تلك الأرض من نفائس الطبيعة وجواهرها، وخاصةً مناجم الذهب وسائر المعادن الكريمة، إلا أن أهلها قابعون بين سندان الفقر وإهمال الزمان وبين مطرقة السيول الغامرة التي تهبط عليهم بين حين وحين.

اعلان

تُعد طاطا من أغنى الأقاليم بخيرات المعدن، إذ تضج أراضيها بنفائس تُستخرج من باطنها، وعلى رأسها الذهب. ولقد اجتذب هذا الذهب اهتمام المناجم وأصحاب الأموال، فأقبلوا إلى تلك الأرض ينقبون ويجمعون ما تناثر من عطاء الله. وغدت المناجم جزءاً من كسب العيش لبعض الأهل، يعيشون به بين أمل بعيد ورجاء مرهون.

إلا أن وعد الرخاء الذي جلبته المناجم لم يكن إلا سرابًا، إذ لم يجد الفقراء منه نصيبًا، إلا بالعمل الشاق بأجر زهيد، والمال الغزير يعود إلى أيدي من لا ينتمون لتلك الأرض. فإن بعض أهل طاطا يشقون في المناجم بأجر لا يوازي ما يُستخرج من تحت أقدامهم، فيما تزداد خزائن الغرباء بأضعاف ما يحصل عليه أهل الدار.

ومن جهة أخرى، تعاني طاطا من سيول متوالية تهدم ما تبقى من عمرانٍ هزيل وتُفسد على الناس حياتهم. فإذا نزلت السماء بمائها، سارت الطرقات أنهاراً جارية، فتنعزل القرى وتصبح الحياة شقاءً وتعبًا. ومع انقطاع السبيل، يعجز الناس عن الوصول إلى الغوث، وتصبح أيديهم مكتوفة أمام جبروت الطبيعة. الزرع الذي يعتمدون عليه، تهلكه المياه، فتقل الأرزاق وتشتد الحاجة.

اعلان

ولا يزيد الأمر سوءاً إلا ضعف البنى التحتية، إذ تجد الطرق قد خربت والجسور تهدمت، فلا تصمد أمام غضب السيل، ومهما علت الصرخات والمناشدات، تظل المعونة بعيدة والرجاء مؤجلاً.

وبعيداً عن الثروات ، يبقى أهل طاطا محاطين بالإهمال. فلا تكاد تجد في أرضهم صحةً تُسعف، ولا تعليمًا يُنشئ، والمواصلات بين القرى أشبه ما تكون بالمعدومة. فإن المريض قد يسافر ساعات ليلقى طبيبًا، وإن الطفل قد ينقطع عن التعليم لندرة المدارس، وأما الانتقال بين القرى فصعب عسير، فلا سبيل يُسهل ولا مركب يُعين.
إن أهل طاطا عالقون بين وعود ذهبية بثرواتٍ كامنة، وواقع يومي من فقر وتهميش.إنه لمما يُؤسف له أن تطرأ مثل هذه الفاجعة، وقد يعتري المرء إحساس بالخَذلان و تختلف سُبُل التآزر بين المغاربة من بقعة إلى أخرى، وفي بعض الأحايين استجابات ضئيلة.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى