بقلم خولة السهلاوي
أينما حلينا و إرتحلنا في بلدنا و مجتمعنا المغرب ،نجد طفل بريء يشتغل ، يعمل و بأحق القول يعاني في صمت أبائه ، مشغله ،مجتمعه ، و صمت الطفولة التي لم يعرف معناها الحقيقي ، لم يلعب كأقرانه لم يرسم و لم يغني ، ذهبت دون أن تترك له أي بصمة يتذكرها ، فهو الشخص الذي شب قبل وصول الشباب .
أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل، عام 1989 التي حثت على أهمية السعي لحماية الأطفال من أي استغلال اقتصادي أو قيامهم بأي عمل يمكن أن يشكل ضررا على صحتهم، أو نموهم الروحي، أو الاجتماعي، أو العقلي،و المعنوي، وقد ظهرت في العديد من البلدان ظاهرة تشغيل أو عمالة الأطفال، التي تتضمن انخراط هذه الفئة في سوق العمل، الأمر الذي يهدد سلامتهم، وترفيههم، وصحتهم النفسية أو الجسمية.
وحسب ماجاء به تقرير “عمل الأطفال في البلدان العربية: تحليل كمي ونوعي” الذي تم إعداده بتكليف من جامعة الدول العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية، التقرير الأول الذي يقدم لمحة عامة عن خصائص واتجاهات عمل الأطفال في 22 دولة ، يقول التقرير أن “الوضع ازداد سوءً على مدى السنوات العشر الماضية التي شهدت خلالها المنطقة مستويات عالية من النزاع المسلح مما أدى إلى نزوح جماعي للسكان داخل البلدان وبينها”.
تعمل عدة أسباب و عوامل دورا فعالا في تشغيل الأطفال في المغرب،وهذا حسب ماجاءت به مجموعة من البحوث المتفق عليها دوليا ، أولها العامل الثقافي للأسرة ، فبعض الأسر لا تهتم بقيمة أو مكانة أو فائدة التعليم للأطفال في سن معين، كما نجد فئة أخرى ترجع السبب الأساس للفقر والمستوى الاقتصادي لبعض الأسر ، الذي يدفع أبناءها في بعض الأحيان إلى ترك مقاعد الدراسة إما لعجز الأهل عن دفع تكاليف الذهاب للمدرسة، أو لمساعدة أهلهم في مصاريف البيت، لكن يبقى السؤال المطروح من طرف مختلف الجمعيات التي تدافع على حقوق الطفل ، ماذنب البراءة.
فيما أرجع بعض الباحثين ، و الجمعيات المختصة اللوم و السبب الأساس ، إلى المشغل و عدم وعيه بحقوق الطفل ، ليبقى التضارب حاظرا؛ إذا كان الجهل هو السبب لماذا إبنه لا يشتغل ، هنا يفرض علينا التغاضي نفسه، فتغاضيه على حقوق الطفل هو الذي يرفع نسبة العمل في صفوف البراعم .
ومنهم من قال أن المشغل لا يتحمل المسؤولية كاملة ، فقد يكون السبب هو النظام التعليمي الذي يسود في البلد، فمثلاً قد تتسبب معاملة المعلمين السيئة للأطفال في حال كان غياب الرقابة على الأساليب المتبعة في التعليم إلى كره الأطفال للمدرسة أو عدم القدرة على النجاح أكاديميا ما يسبب ترك العديد من التلاميذ للمدرسة والاتجاه نحو سوق العمل بدلا منها.
و في هذا الصدد نجد أن الطفل المشتغل يتأثر على مستويات مختلفة ، إذ نجد منها الجسدية و المعرفية، و العاطفية ، و كذلك الأخلاقية.
أولا من الناحية الجسدية: يتأثر نمو الطفل العامل من الناحية الجسدية، إذ من الممكن أن يتعرض لإصابات في عمله كجروح خطيرة أو إصابات تسبب تشوها لبعض الأعضاء، أو تسبب مشاكل في النمو، ومن الأمثلة على الإصابات التي يتعرض لها بعض الأطفال العاملين السقوط من أماكن مرتفعة في ورشات البناء، والتي قد تسلب حياتهم في بعض الأحيان.
ثانيا التأثير المعرفي: فالطفل الذي يترك التعليم يتأثر تطوره العلمي، وتنخفض قدرته على أداء العمليات الحسابية، والكتابية، والقراءة.
تالتا التأثير العاطفي: حيث يفقد الطفل العامل احترامه لنفسه، ويقل ارتباطه بالأسرة، كما يصعب عليه تقبل الآخرين سواء المجتمع أو الأسرة كنتيجة لبعده عن عائلته ، وتعرضه للتعنيف من قبل صاحب العمل أو من معه من الزملاء في بعض الأحيان.
رابعا التأثير الأخلاقي والاجتماعي:إذ يقل شعور الطفل بالانتماء للجماعة، ومن تعاونه مع باقي الأشخاص، وقد يتأثر أخلاقياً ببعض البيئات السيئة أو قد يتعلم بعض السلوكيات كالكذب، والشتم…
يشار إلى أنه في الأونة الأخيرة ، و خلال فترة الإنتخابات ،نهضت مجموعة من جمعيات رعاية و حماية حقوق الطفل ، للوقوف في وجه بعض المرشحين الذين إخترو الأطفال ،لتوزيع منشوراتهم كما ضهر في مجموعة من الفيديوهات المنتشرة عبر منصات التواصل الإجتماعي .