ونحن قي ‘رحاب” البق الذي غزا بيوت مدينة مارسيليا الفرنسية، هذه المدينة المتوسطية المعروفة بميناءها القديم و يوجود جالية جزائرية كبيرة غير مندمجة في أغلبيتها ، تذكرت سنوات الطفولة عندما كانت تربط جدي من الأب علاقة أخوة مع عائلة ممتدة من النجود العليا Hauts plateaux تتعاطى لتربية المواشي و الرعي ، قبل وفاة الجد رحمه الله أوصى كل أبناءه بما فيهم الوالد بالاستمرار في نسج أواصر المحبة مع هاته العائلة و ألح عليهم ” إلى بغيتو الربح بقاو خوت مع دوك الناس…..” . كان العم الأوسط يمتلك كاريزما قوية و تواصلا لا نظير له، فنفذ الوصية . لقد كان الطرفان يصران على تبادل الزيارات .لذا كنت شاهدا في بداية الثمانينات على قدوم هؤلاء الضيوف عند عمي و كل الإخوة . كانوا يحلون وهم يركبون حافلة من نوع فورد بجلابيبهم من الصوف و بعماماتهم البيضاء التي تقيهم حر القيظ . كانت اكلة شواء الخروف هي الأكلة السائدة في الغذاء و حتى العشاء لمدة قد تصل إلى 15 يوما . التخمة من اللحم كانت سيدة الموقف وفعل البداوة كان يغلب على سلوكهم، من خلال أصواتهم العالية و قهقهاتهم الغير المبررة و لعبهم العنيف. أتذكر أنهم حلوا عندنا للعشاء ذات ليل فتمددوا في الفراش غير آبهين بالآخرين ، فلما انتهوا من أكل الشواء غادروا و هم يعدمون أساليب التمدن فعملية الوداع كانت غائبة. فبعد رحيلهم لاحظنا أسرابا و جحافل من القمل تخترق الجدران، كان الأمر مخيفا ومقززا لرؤية آلاف من هذه الحشرة تغزو الفضاء . لقد كان القمل يؤثث فضاء النقاش بين نساء العائلة يطريقة فكاهيية عند القيام بتنظيف ملابس الضيوف. صحيح أنهم في وضعية ميسورة نظرا لملكيتهم لعدد كبير من رؤوس الأغنام ، لكن الشروط الصحية و عدم استعمال مادةالإيبوكلوريريب الصوديوم( ماء جافيل ) .كانت تدفعهم إلى تعايش القمل معهم. و كانوا ينقلون لنا هذه ” البركة ” لمدة غير يسيرة . لقد كنا نستفيد من الشواء بشكل يومي لكن القمل كان يمتص دمائنا. وهذا واقع مرير عانت منه أجيال كثيرة. أبعد الله عنا و عنكم .
رش