
بقلم عبدالرزاق زيتوني
في ظل ظروف مناخية واقتصادية استثنائية، شهدت المملكة المغربية خلال السنوات الماضية موجات جفاف حادة أثرت بشكل مباشر على الفلاحة ومخزون الماشية، مما جعل أسعار الأضاحي تقفز إلى مستويات خيالية مع اقتراب عيد الأضحى من كل عام، ما أثقل كاهل الأسر المغربية، خاصة ذات الدخل المحدود.
وأمام هذا الوضع، جاءت التفاتة ملكية إنسانية من جلالة الملك محمد السادس الذي قرر هذا العام إلغاء ذبح الأضاحي، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى التخفيف من معاناة المواطنين وضمان الاكتفاء الحيواني للسنوات المقبلة. القرار لاقى ترحيبًا واسعًا من مختلف شرائح المجتمع، حيث عبّر أكثر من 90% من المغاربة عن حبهم وامتنانهم لهذه المبادرة الحكيمة، معتبرين إياها دليلاً على قرب الملك من هموم شعبه.
لكن، وبينما كان يُنتظر من الجميع الالتزام بالتوجيهات الملكية، خرجت أصوات خافتة عن الإجماع، وشرع بعض المواطنين في شراء الأضاحي سرًا أو ذبحها خلسة، بل وسجلت الأسواق ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار اللحوم، ما دفع السلطات للتدخل لضبط الوضع. ومع ذلك، بقي الإقبال على اللحوم مستمرًا بشكل غريب، وكأن العادة أقوى من الوعي، وكأن التحدي أكبر من التضامن.
سبحان الله… هي لحظة تأمل بين حكمة القرار الملكي ومحدودية تجاوب البعض معه، وبين ثقافة التراحم التي دعا إليها الدين، وحقيقة السلوك الاستهلاكي الذي لا يتغير بسهولة.