اعلان
اعلان
ثقافة وفنمجتمعمقالات الرأي

ثريا جبران: من الوقوف على الخشبة إلى الجلوس على كرسي الوزارة

اعلان

ودعتنا يوم أمس الفنانة المغربية ثريا جبران، بعد تاريخ فني وسياسي حافل، فهي أول فنانة عربية تتولى منصبا حكوميا، وهي واحدة من أشهر فنانات المسرح في العالم العربي.

قليل من يعرف اسمها الحقيقي، السعدية قريطيف أو كما يعرفها الكثير بثريا جبران،، ولدت بدرب السلطان، الدار البيضاء، سجلت حضورا مميزا على الخشبة بعد أن انطلقت مسرحيا في وقت مبكر من عمرها، وكانت نجمة في عدة فرق مسرحية ساهمت في تأسيسها، ثم انتقلت إلى العمل الحكومي بتوليها وزارة الثقافة 2007-2009.

اعلان

مسار حافل و ثري بعدة تجارب خاضتها ثريا جبران، فقد نشأت يتيمة بعد وفاة والدها، واضطرت والدتها للالتحاق بمؤسسة خيرية للعمل فيها مربية، وهناك فتحت ثريا عينها على عوالم مجتمعية هشة أثرت في مسارها الفني وموقفها السياسي والإنساني.

تعهدها زوج أختها محمد جبرانالذي كان بمثابة مؤطر تربوي في المؤسسةولعب دورا في توجيهها نحو عشقأب الفنون” (المسرح)، بل ومنحها اسمه الذي أصبح اسمها الفني.

من الهامش نحو الفن 

اعلان

بدأت ثريا جبران عالمها الفني في سن مبكر، لا يتعدى عشر سنوات، طفلة صغيرة تعتلي خشبة المسرح البلدي وسط تصفيقات الجمهور، فقد انضمت إلى الأخوة العربيةالتي كان يديرها الفنان المخرج عبد العظيم الشناوي، وشاركت في مسرحيةأولاد اليوم“.

انطلقت بعد ذلك في تجربة ممتدة عبرت بها مجموعة من التجارب والفرق المسرحية، بحثا عن تقديم مادة مسرحية حديثة ومنغرسة في صلب التربة المجتمعية والسياسية المغربية.

شاركت في النجاحات التي حققتها فرقالشهابوالمعمورةوالقناع الصغيرومسرح الرائد الطيب الصديقي، قبل أن يرتبط اسمها بتجربةمسرح اليومالذي قدمت عبره أشهر عروضها التي سافرت بها خارج الحدود.

قدمت مع الصديقي سنة 1980 مسرحيةديوان عبد الرحمن المجذوبالتي تستعيد تراث الشاعر الصوفي المجذوب، كما قدمت مسرحيةأبو نواسسنة 1984.

وشاركت معه سنة 1985 في المسرحية العربية التاريخيةألف حكاية وحكاية في سوق عكاظ، في إطار فرقة الممثلين العرب التي أسسها الصديقي رفقة الفنانة اللبنانية نضال الأشقر، وبمشاركة ممثلين من العراق وسوريا والأردن وفلسطين والمغرب.

كان عام 1987 منعطفا نوعيا في مسيرة ثريا من خلال فرقةمسرح اليوموعملها الأولحكايات بلا حدود، التي اقتبسها زوجها المخرج عبد الواحد عوزري من نصوص للشاعر السوري الراحل محمد الماغوط. وشاركت المسرحية في مهرجان بغداد المسرحي في تلك السنة، وفي مهرجان دمشق للفنون المسرحية سنة 1988.

من أنجح أعمال ثريا جبران العرض المسرحيأربع ساعات في شاتيلاسنة 2001، وهو نص للكاتب الفرنسي جان جنيه بترجمة الناقد محمد برادة. وواصلت اشتغالها على نصوص الأدب العربي والعالمي من خلال مسرحية ديوان الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي “الشمس تحتضر“.

ويبدو أن ثريا تأثرت في تجربتها الوزارية بانتمائها إلى الوسط الفني، وتجسد ذلك في اهتمامها الواضح بالوضع الاجتماعي للفنان، إذ تعززت في عهدها التدابير المتعلقة بحقوق الفنانين في التغطية الصحية والحماية الإجتماعية.

تعرضت ثريا لحادث مأساوي بقي عالقا في ذاكرة المسرح الجاد بالمغرب، فقد كانت ضحية اعتداء جسدي لم تفكّ ألغازه قط، ولو أن البعض ربطه بطبيعة الأعمال الفنية ذاتالرسائل السياسية المزعجة لبعض دوائر السلطةفي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين، فقد تعرضت للاختطاف على يد مجهولين لمنعها من المشاركة في برنامج تلفزيوني، وقد قامت تلك الجهات بحلق شعرها.

الانتقال إلى كرسي الوزارة

انتقلت ثريا جبران من الوقوف على الخشبة إلى الجلوس على كرسي الوزارة، وقد أثار هذا الانتقال استغراب الرأي العام  والصحافة المغربية، من تولي جبران منصب وزيرة الثقافة،

منذ وصولها الى منصبها الجديد سنة 2007، وهي تحاول اقناع منتقديها بأنها قادرة على تقديم شيء ما للثقافة في المغرب، بل حتى المثقفون انفسهم «اختفوا» اما في جلباب السلطة عبر مناصب مريحة، او داخل مؤسسات ثقافية مشلولة، ومنهم من آثر الصمت والانزواء بعيدا متفرجا.

لخصت جبران في احدى مقابلاتها الصحفية المهام الكبيرة التي تنتظرها في «مواصلة العمل الجدي في الورش الكبرى، مثل المكتبة الوطنية، ومتحف الفن المعاصر، والمعهد الوطني للموسيقى والرقص، ووضعية الفنان المغربي الاجتماعية والصحية، وتفعيل قانون الفنان، وإعداد ومنح بطاقة الفنان، وقضايا الكتاب والنشر، والتراث الثقافي الوطني المادي وغير المادي، والمواقع والآثار التاريخية، ودعم الفنون الذي يحتاج إلى تصور عام يشمل، إلى جانب المسرح فنوناً أخرى يعاني بعضها من مصاعب حقيقية مثل التشكيل والفن». وبما ان هذه المهام «الشمولية» شاقة، استعانت جبران بخبرة زوجها المسرحية، ليساعدها في تنفيذ المسؤولية الملقاة على عاتقها فعينته عضوا في ديوانها، وهو ما جلب لها انتقادات كثيرة.

لم يدم جلوسها على كرسي الوزارة كثيرا، فسرعان ما عجل المرض بتقديم استقالتها من منصبها سنة 2009، خلال زيارة قام بها المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة لها بالمستشفى.

ولم تسلم سيدة المسرح المغربي من مرض السرطان وتوفيت بسببه عن عمر يناهز68 سنة, بعد أن كانت تخضع للعلاج بمستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بالدار البيضاء بعد تدهور حالتها الصحية مؤخرا.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى