اعلان
اعلان
مقالات الرأي

جني الزيتون ..أيام الطفولة

اعلان

 

تستفزني الذاكرة بين الفينة و الأخرى عنوة علها تريد العودة بي الى زمن الطفولة المفعم بأحداث لم تكن بالطبع كلها جميلة، لكنها على الأقل كانت شاهدة على وقائع كونت شخصيتنا رغم أن حقنا في اللعب كان مصادرا بمبررات واهية لم يعد الزمن الحالي يقبلها.

اعلان

هكذا عثرت للتو في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي على صورة أطفال يجنون ثمار الزيتون لأتذكر أيام اصطحابنا نحن الاخوة للوالد للقيام بعمليات جمع الزيتون. كان ينتظر على أحر من الجمر العطلة البينية للتلاميذ كي نوضع رهن الاشارة . الإخبار يتم عن بعد لتأهيلنا نفسيا .

كان الجني يتزامن مع عطلة الشتاء ابان شهر دجنبر حيث درجات الحرارة جد منخفضة . اغلبية للفلاحين كانوا يؤجلون القطف الى هذا الشهر طمعا في ارتفاع نسبة الزيت. وهي مقاربة صحيحة مثبتة علميا لكنهم كانوا يغفلون أن نسبة الحموضة acidité ترتفع أيضا مع تأجيل القطف مما يؤثر سلبا على الجودة. يختار الوالد قبلا عمودا أو اكثر من شجر الزيتون او من القصب يسمى ” النفاص” للمساعدة على إسقاط الثمار من الشجرة الى الأرض و يحل في الصبيحة باكرا قبل الكل و يقوم بإشعال النار عبر العيدان المترامية التي سبق لها ان سقطت من الاشجار. نصل نحن الاخوة متأخرين و البرد يخترق أجسامنا النحيفة و نرتجف على ايقاع نسمات الجليد التي كانت تؤثث سنوات الثمانينات. نستفيد من خدمات النار و نحن متجمعون حولها على شاكلة الهنود الحمر .

لتعطى لنا الاوامر من الوالد للبدء في جمع الثمار في اواني ما إن تمتلىء حتى نفرغها في الكيس المخصص لذلك . كانت العملية تفرض علينا الاشتغال و نحن نحرك اغلبية أعضائنا و هي عملية رياضية متعبة نعود خلال نهاية اليوم الى المنزل و نحن جد منهكي القوى .

اعلان

كان الوالد يقوم بعملية التتيع و التقييم لأداء كل واحد منا و كل من ثبت تخلفه يتعرض لانتقادات لاذعة و يتهم بالكسل و كنا نقارن بأبناء الاعمام حيث يتم تضخيم كمية القناطر التي يجنونها يوميا .خلال الثلاثة الايام الاولى تبدأ علامات تشقق اليدين و ظهور جروح ، كنا نعتبرها قدرا محتوما و نحن نتعايش معه.

تدوم المدة طيلة فترة العطلة لنعود الى القسم و نحن نحمل ندوبا و جروحا في مختلف أماكن أجسادنا ، لتنتعش الذاكرة من خلال صورة واحدة استفزت مركز العاطفة centre emotionnel الذي لم يتخلف في استحضار هذا الماضي الذي هو جزء من هويتنا.

 

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى