
أثار وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو جدلاً واسعاً بعد ظهوره في لقاء تلفزيوني وعلى جبهته صليب مرسوم بالرماد، وذلك بمناسبة “أربعاء الرماد”، أول أيام الصوم الكبير لدى المسيحيين الكاثوليك. وخلال مداخلته مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية، ناقش روبيو مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه غزة وحركة حماس وأوكرانيا. لكن ما لفت الأنظار هو ظهوره بهذا الشكل الذي اعتبره البعض غير تقليدي لشخص في منصب رفيع في السياسة الأميركية.
هذا الظهور أثار موجة من النقاش على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تساءل العديد من الأشخاص عن الرسائل التي قد يكون روبيو أراد إيصالها عبر هذا الظهور الرمزي. ووصف بعض رواد منصات التواصل الاجتماعي ظهور روبيو بـ”المشهد غير المسبوق”، مشيرين إلى أن وضعه للصليب على جبينه كان خطوة متعمدة ومقصودة، مما أثار العديد من التكهنات حول الرسائل الرمزية والسياسية التي قد تحملها هذه الإطلالة. واعتبر البعض أن هذه الإشارة قد تكون لها دلالات خاصة تتعلق بالرمزية الدينية أو مواقف سياسية معينة، مما جعلها محورًا للنقاشات بين المتابعين الذين حاولوا تفسير المعاني المحتملة وراء هذا التصرف.
وشدد بعض المشاركين على أن الحروب التي تشنها الولايات المتحدة في المنطقة ليست مجرد صراعات سياسية أو دفاعية، بل تحمل أبعادًا عقائدية وثقافية تهدف إلى تحقيق الهيمنة العالمية.
وفي هذا السياق، تساءل آخرون حول ما إذا كان يمكن اعتبار هذا التصرف “إقحامًا للدين في السياسة”، مشيرين إلى التناقض في شعارات الغرب التي تدعو إلى فصل الدين عن السياسة، والتي يتم تطبيقها غالبًا على الدول الإسلامية فقط. كما انتقد بعض النشطاء العرب العلمانيين الذين يطالبون بفصل الدين عن السياسة في العالم الإسلامي، دون أن يثيروا نفس الجدل حول ممارسات مشابهة في الغرب، مما يثير تساؤلات حول المعايير المزدوجة في التعامل مع هذه القضايا.
وربط بعض المحللين هذه الإطلالة بتكتيكات الإدارة الحالية، معتبرين أنها تستغل الرموز الدينية لكسب دعم الجماعات المسيحية المحافظة في الولايات المتحدة. وأشاروا إلى أن هذا النهج يُعد امتدادًا لممارسات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي أولت اهتمامًا خاصًا للقضايا الدينية، مثل إنشاء مكتب داخل البيت الأبيض للشؤون الدينية، وكذلك مكافحة ما وُصف بـ “التحيز ضد المسيحيين”.
وفي المقابل، اعتبر مدونون ومغردون آخرون أن ظهور روبيو وهو يحمل علامة الصليب يعد جزءًا من طقوس مسيحية معروفة في يوم أربعاء الرماد، مشيرين إلى أن هذا الأمر لا يجب أن يُحمل أبعادًا سياسية أو استعمارية. وأكدوا أن هذا التصرف يمثل تقليدًا دينيًا مرتبطًا بالديانة المسيحية الكاثوليكية، وهو ممارسة شائعة لا تعكس أي توجهات عدائية تجاه العالم الإسلامي أو منطقة الشرق الأوسط.
وذكر مغردون أن “أربعاء الرماد” يعتبر يوماً مقدساً في المسيحية الغربية، حيث يمثل بداية فترة الصوم الكبير التي تستمر 40 يوماً استعداداً لعيد الفصح. وفي هذا اليوم، يقوم الكهنة برسم إشارة الصليب على جباه المؤمنين باستخدام رماد أغصان النخيل المحترقة من أحد الشعانين للسنة السابقة. ويُعد هذا التقليد رمزاً للتوبة والتواضع، ويُذكّر المسيحيين بحاجة الإنسان للتوبة والعودة إلى الله.