
محمد السوسي
عاش الشارع المغربي، خلال ثلاثة أيام (27 ـ 28 ـ 29 شتنبر 2025)، على وقع حراك اجتماعي واسع أطلق عليه اسم احتجاجات جيل Z212.
انطلقت الدعوات إلى هذه الاحتجاجات عبر منصات التواصل الاجتماعي، مثل واتساب وفيسبوك وغيرها، حيث أكد نشطاء الحراك أنّها لم تصدر عن أي جهة سياسية أو خارجية، بل جاءت من شباب ينتمون إلى مختلف شرائح المجتمع المغربي
للتعبير عن رفض الأوضاع المعيشية الصعبة، وتدهور الخدمات الصحية، وفشل السياسات التعليمية، إلى جانب الغلاء المستمر في الأسعار، في ظل ما اعتبروه تجاهلاً حكومياً وحزبياً لمطالب المواطنين.
ويرى المحتجون أنّ توجيه ميزانيات ضخمة بالملايير لتنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030، يعدّ رهاناً خاسراً، معتبرين أنّ الأولوية يجب أن تكون لإصلاح المنظومتين الصحية والتعليمية، وتحقيق الرفاه الاجتماعي، ومحاربة الفساد.
وعبّر نشطاء جيل Z خلال أيام الحراك الثلاثة عن وعي سياسي واجتماعي عالٍ، وعن شجاعة وإصرار كبيرين في الدفاع عن حقوقهم، رغم ما واجهوه من تدخلات أمنية وصفت بالقمعية.
اسس هذا الجيل لشكل جديد من النضال يختلف عن الأجيال السابقة، إذ يمتلك أفكاره وتطلعاته الخاصة، مدعوماً باعتبار أساسي هو ولادته مع الثورة الرقمية، التي وفّرت له سهولة الوصول إلى المعلومة، وجعلت العالم بمثابة “قرية صغيرة”، عبر الانفتاح على تجارب الشعوب الأخرى واستلهام طرق مقاومتها.
في ظل هذه التطورات،اصبح على الحكومة و المسؤولين الإنصات للشباب وفتح قنوات الحوار، ضرورة ملحة، وأن الاعتراف بالمشاكل الحقيقية، خصوصاً في مجالي الصحة والتعليم، يشكل الخطوة الأولى نحو استعادة الثقة.
بالإضافة إلى إعادة ترتيب الأولويات في صرف الميزانيات، وتوجيهها لخدمة المواطن قبل أي رهانات أخرى، يعدّ مطلباً أساسياً.
كما يجب محاربة الفساد والريع، وتجديد الخطاب السياسي بما يستجيب لانتظارات هذا الجيل ، إضافة إلى إشراك الشباب في القرار العمومي، وهي استحقاقات لا يمكن تأجيلها، بدل الاقتصار على المقاربة الأمنية، التي تبقى خياراً غير كافٍ يؤدي إلى تعميق الهوة بين الشباب والدولة،
ان احتجاجات جيلZ ليس مجرد حدث عابر، بل محطة فارقة قد تدفع نحو إعادة التفكير في عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع، أساسه الإنصات، الإصلاح، ومحاربة الفساد.