
منبر24
شهدت الرباط، أمس الثلاثاء، لقاءً أكاديميا نظمته الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة التابعة لأكاديمية المملكة المغربية، بمناسبة اليوم العالمي للترجمة، تحت عنوان “الترجمة بوصفها لغة ثالثة”، حيث انكب باحثون وأكاديميون على إبراز دور الترجمة باعتبارها ممارسة تتجاوز النقل الآلي للكلمات، لتصبح فعلا ثقافيا وفلسفيا يعيد تشكيل النصوص ويفتح فضاءات جديدة للتأويل.
المتدخلون اعتبروا أن الترجمة ليست مجرد تقنية، بل عملية إبداعية تُنتج ما يُعرف بـ”اللغة الثالثة”، وهي لغة هجينة لا تنتمي كليا للنص الأصلي ولا للنص المستقبِل، بل تولد في المسافة الفاصلة بينهما، بما يجعلها جسرا للتفاعل والانفتاح وإعادة ابتكار المشترك الإنساني.
وأكد عبد الفتاح الحجمري، منسق الهيئة الأكاديمية العليا للترجمة، أن الاحتفاء باليوم العالمي للترجمة يتجاوز رمزيته ليشكل مناسبة فكرية تعترف بدور المترجمين كفاعلين في التواصل بين الثقافات، ومساهمين في إثراء الرأسمال الرمزي للإنسانية.
من جهته، اعتبر الباحث محمد آيت حنا أن الترجمة في عصر التحولات التكنولوجية تظل متماسكة شكليا لكنها تفتقر للأثر الإنساني الذي يميز النصوص الأصلية، مشيرا إلى أن الترجمة الآلية، رغم تطورها، لا يمكنها أن تحاكي “الانزياح” أو تنقل الأبعاد الثقافية العميقة.
أما سعيد الحنصالي، أستاذ بجامعة محمد الخامس، فقد شدد على أن الترجمة تُمارس داخل “الحيز الثالث”، حيث تُدار الاختلافات الثقافية وتُعاد صياغة المعاني والهوية، مبرزا في الوقت نفسه التحديات التي تفرضها الترجمة الآلية التي تفتقر للقدرة على التفاوض والتعليل.
اللقاء عرف أيضا مشاركة واسعة لباحثين ومهتمين بمجالات الأدب، الترجمة، الثقافة والإعلام، الذين أكدوا على ضرورة بلورة ميثاق يوجه المترجم في تعاطيه مع “اللغة الثالثة”، ويحمي المفاهيم الهشة من الذوبان أو التبسيط المفرط.