العدالة والتنمية، حزب ذو توجهات إسلامية، حسب تعبير صقوره، أسسه الدكتور الجراح، عبد الكريم الخطابي، سنة 1967 ، وذلك بعد انشقاق داخل الحركة الشعبية، حزب المصباح، تمكن من تصدر الانتخابات التشريعية لسنتي 2011 و 2016.
رغم ترأس هذا التيار الإسلامي، للحكومة المغربية، في شخصي عبد الاله بنكيران وسعد الدين العثماني، فإنهما يتحملان المسؤولية السياسية الكاملة، في كل القضايا التي تهم المواطن المغربي، فلابد أن نؤكد أن الحزب المذكور، الذي يترأس السلطة التنفيذية، لم يتمكن من وضع منظومة استراتيجية حقيقية ومحكمة، في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والثقافية، والتربوية، لهذا، يجب الإقرار، بالفشل الذريع، لرئيسي الحكومة سالفي الذكر، خاصة في المشروع التنموي المغربي.
رغم أن المغرب، رصد ميزانيات ضخمة لهذا المشروع الفتية، لازال الفقر والتهميش، هو المتحكم في ضواحي المدن، وفي البوادي، والقرى، وهذا راجع إلى سوء التدبير، والتوزيع الغير العادل للثروة، في بلدنا العزيز.
وحسب المهتمين، فإن البرنامج الأول، للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من خلال توزيعه على المواطنين، لم يعطي أكله على أرض الواقع، و لم يربط ارتباطا جيدا، فبرنامج مكافحة الفقر والحاجة، خاصة في العالم القروي، أقل مما كان متوقعا، بكون أن المشاريع التي تم اطلاقها، لم يتم دراستها بطريقة تقنية جيدة، تضمن تحسين الظروف المعيشية للفئة الأكثر فقرا، أما البرنامج الثاني، حاول معالجة المشاكل القروية، حيث ركز على مشاريع البنيات التحتية، من شق الطرق، وخلق شبكة الكهرباء والماء الصالح للشرب، هذا الجانب قد بذلت فيه مجهودات مشجعة، رغم ذلك، فتنمية الدخل لدى الساكنة القروية، لم يعرف أي تحسن ملموس.
في الأعوام القليلة الماضية، أطلقت الحكومة المغربية، مبادرة جديدة، عندما كان آنذاك، بنكيران رئيسها، وذلك من خلال صندوق التنمية القروية، الذي خصصت له ميزانية 50 مليار درهم، على مدى 7 سنوات، وفي هذا الاطار، ساهمت فيه عدة قطاعات حكومية وغير حكومية، في تعبئة التمويلات، نخص منها، المجالس الجهوية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وصندوق التنمية القروية، ووزارة الفلاحة، ووزارة النقل، ووزارة الصحة، ووزارة التربية الوطنية، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، حيث تم اعداد برامج جهوية، تندرج في اطار، تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.
هذه الأموال الطائلة، التي خصصت لتفعيل مشاريع كبرى، كان هدفها، تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، ورغم أن البنك الدولي، ومن خلال دراسة أنجزها، صنفت المغرب في المراتب الأولى، على الصعيد الافريقي، من حيث الثروة الشاملة، لا زال واقع الفقر، هو سيد الموقف.
إلى عهد قريب، كان صاحب الجلالة، في العديد من خطبه، يشيد بالنموذج التنموي المغربي، ويعدد مزاياه وقابليته، لأن يكون بمثابة الطريق، الذي يجب اتباعه، من طرف دول أخرى، خاصة الدول الافريقية، وهو ما كان عبر عنه جلالته، مثلا في خطابه الموجه إلى أشغال الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة، شهر شتنبر 2014، فما الذي وقع الآن حتى يغير الملك من نبرته، ويشدد على ضرورة، إعادة النظر في النموذج التنموي المغربي. وقال الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة الذكر العشرين، لاعتلائه العرش: ” إن تجديد النموذج التنموي الوطني ليس غاية في حد ذاته. وإنما هو مدخل للمرحلة الجديدة، التي نريد، بعون الله وتوفيقه، أن نقود المغرب لدخولها. مرحلة جديدة قوامها: المسؤولية والاقلاع الشامل”. وقد كلف جلالة الملك، يوم 29 يوليوز 2019 ، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بان يرفع خلال المرحلة المقبلة مقترحات لإحلال وتجديد مناصب المسؤولية الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، وذلك على أساس الكفاءة والاستحقاق.
إذن، فحزب العدالة والتنمية، فشل في تسيير وتدبير الشأن العام الوطني، وفشل في سياسته، لتنفيذ مشاريع الأقطاب الأساسية، الاقتصادية والاجتماعية، لأنه مازال، يخلط بين ما هو سياسي ودعوي، وهذا ما أكدته، تجربة سنوات من حكومة بنكيران، الذي مزج بين الخطاب الدعوي والخطاب السياسي، هذا الأخير الذي صرح في السابق، أنهم جاءوا للحكومة، من أجل “تحسين أوضاعهم المادية” لأن أغلب وزراءه كانوا ينتمون إلى الطبقة الفقيرة، حيث أصبحوا الآن، يتمتعون بتقاعد جد مريح وسمين، رغم أن المناصب البرلمانية والوزارية، هي في حد ذاتها، مهمة سياسية وليست مهنة، ويملكون فيلات فسيحة في أحياء راقية، وسيارات فخمة ذات الدفع الرباعي، ويدرسون أبناءهم في مدارس البعثات الأجنبية داخل المغرب، وفي أكبر الجامعات خارجه، وبالضبط في الديار التركية والفرنسية.
أما فيما يتعلق بمرجعية الحزب الإسلامية، فقد تنكر وانسلخ عنها، وذلك من خلال الانتقادات والتهم الأخلاقية التي تحاصره، وصرح بنكيران أمينهم العام السابق، حيث قال: ” أنه لا يريد التدخل في الأمور الشخصية للأعضاء” قبل أن يكمل كلامه، بالقول “لكننا لسنا حزبا متهتك”، مؤكدا أن النساء، يجب أن يلقين أعلى درجات الاحترام، والتقدير الممكنة، وأن المرأة يجب أن تكون مقدسة داخل الحزب، وتكون العلاقات مع الرجال، في إطار مصالح واضحة، شرعية ومشروعة، غير قابلة للنقاش”، حسب تعبيره. مضيفا باللهجة العامية “واش بدينا كنسمعو حتى التحرش داخل الحزب وكلام ماشي هو هذاك”.
خرجات حزب العدالة والتنمية، الغير المسؤولة أخلاقيا، والغير المحسوبة سياسيا، مما لاشك فيه، ستعمق أزمته الحقيقية، بشكل مباشر، فهو الآن، أمام امتحان صعب ونفق جد ضيق، بسببه استنزف جزء مهم، من نضاله السياسي، ورصيده الشعبي، بشكل كبير، من خلال وقوعه، في غرام المناصب، والسفريات الخارجية الغير المحدودة، والملذات الدنيوية، التي كانت في الماضي القريب، خط أحمر لقياداته، عندما كانوا مصطفين في المعارضة، بالإضافة إلى عدم تحقيقه، للشعارات والوعود، التي رفعها في الاستحقاقات البرلمانية لسنتي 2011 و 2016، و بفضلهما تصدر نتائجهما، التي أفرزتها صناديق الاقتراع.
اعلان
اعلان
اعلان