عادت قضية سرقة أغراض الموتى إلى الظهور من جديد، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد في مواجهة الجائحة العالمية كوفيد19، والتي تفرض تضامنا مطلقا بين جميع المكونات، غير أن الأبحاث والتحقيقات كشفت عكس ذلك بالمستشفى الإقليمي ابن باجة بمدينة تازة، حيث استغلت ممرضتان وفاة بعض المرضى بالفيروس التاجي، لسرقة أغراضهم، قبل أن تكشفهما الأبحاث التي أنجزتها الضابطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة، بناء على شكايات عائلات الضحايا.
وانطلقت، الاثنين الماضي، جلسة جديدة لمحاكمة الممرضتين المتهمتين بسرقة أغراض موتى كوفيد19، بغرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بتازة، وفق تدابير المحاكمة عن بعد، باستعمال تقنية «الفيديو كونفرانص»، التي اعتمدتها المصالح القضائية لتسيير المحاكمات في ظل استمرار المواجهة مع الفيروس، ومنع انتشاره بين السجناء، وداخل المرافق العمومية، حيث تقبع الممرضتان بالسجن المحلي لتازة، لتقرر هيئة الحكم تأخير الملف بسبب تخلف إحدى مصرحات المحضر عن حضور الجلسة، بعد التأكد من جاهزية الممرضتين اللتين عُيِّنتا في المستشفى ممرضتين عرضيتين.
وقررت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بتازة متابعة الممرضتين في حالة اعتقال، بعدما كشفت التحقيقات، التي أمر بفتحها الوكيل العام لتازة، خيوطا تربط الممرضتين بالاختفاء الغامض لمجموعة من أغراض مواطنين جرى نقلهم إلى جناح كوفيد19 بمستشفى ابن باجة، وفارقوا الحياة متأثرين بإصابتهم بالفيروس التاجي، حيث باشرت فرقة الشرطة القضائية تحقيقاتها في النازلة، إثر شكايات من عائلات الضحايا، خاصة حين خرجت عائلة مواطن مغربي مقيم بالديار الأوروبية بتصريحات حول اختفاء هاتفه المحمول ومبالغ مالية بالعملة الوطنية والأجنبية.
واستعانت الضابطة القضائية بتسجيلات الكاميرا المثبتة في جناح كوفيد19 داخل المستشفى الإقليمي ابن باجة، ثم عادت إلى سجل الممرضين المناوبتين في الفترة المشكوك فيها، وهو ما مكن من إمساك خيط قادها إلى الاستماع إلى الممرضتين العرضيتين، اللتين أنكرتا المنسوب إليهما، حسب مصادر جيدة الاطلاع، غير أن مواجهتهما بتسجيلات الكاميرا جعلهما تعترفان بما نسب إليهما من أعمال سرقة أغراض موتى فيروس كورونا، ضمنها أغراض وحلي لسيدة توفيت بدورها في الجناح ذاته نتيجة إصابتها بالفيروس، ليتأكد للمحققين تورط الممرضتين، بعد الانتقال إلى منزليهما وضبط مسروقات كانت قد اختفت من أغراض المواطنين ضحايا الفيروس بجناح المستشفى، ما جعل النيابة العامة تأمر بالاحتفاظ بهما رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي، وتحديد جلسة لمحاكمتهما بشأن التهم المنسوبة إليهما.
وأوضحت مصادر إعلامية أن التحقيقات، التي باشرتها الضابطة القضائية التابعة لأمن مدينة تازة، من المفروض أن تكون قد كشفت مجموعة من السرقات التي قامت بها المتهمتان، اللتان استغلتا وفاة المرضى بسبب الجائحة العالمية، لتستحوذا على أغراضهم وفق خطة واتفاق مسبق بينهما، حيث ستوضح أطوار المحاكمة أشياء كانت خفية إلى حدود توقيف المعنيتين بالأمر، ما ينبئ بأطوار محاكمة مثيرة وغريبة، في الوقت نفسه، بشأن الاعتداء على حرمة الموتى وسرقة أغراضهم.