يعرف الفن اصطلاحا، بأنه التزين والزينة، وهو تصميم شيء جديد مبدع، واتقان عمله، ويعرف الفن خاصة، بأنه مهارة شخصية تنتج عملا جماليا، يثير مشاعر البهجة والسرور في النفس الإنسانية، ويمكن أن يقال اختصارا، بأنه رؤية أو حدس، فهو يقدم صورة أو خيال الفنان، على شكل عمل فني، وغايتها إيصال الجمال، والفنون صلة بين الإنسان والطبيعة، فعناصر العمل الفني تشكل محاكاة لعناصر في الطبيعة، ويتجاوزها الفنان بإبداعه وخياله، وما تلهمه بصيرته، وتتضمن الفنون الجميلة أو ما يسمى الآداب الرفيعة، كالموسيقى، والشعر، والنثر، والرسم، والنحت، والرقص، والغناء، والتمثيل، وترتبط كلمة فن الفنون التشكيلية أو المرئية التي تجمعهما خصائص مشتركة رغم اختلافها.
ومن خلال هذه النافذة، التي سنخصصها لرواد الفن بالمغرب، الذين أفنوا حياتهم في إسعاد الجمهور، وتقديم أعمال فنية جميلة، منهم لازال على قيد الحياة، ومنهم من رحلوا بهدوء، بعدما تركوا بصماتهم واضحة، دون تلقي كلمة شكر من أحد، وعرفانا لهم على ما بذلوه، من عطاء في سبيل الفن المغربي، وتطويره.
رائد هذا الأسبوع: الفنان محمد الغاوي صاحب الصوت الرخيم
أحد أعمدة الأغنية المغربية الأصيلة، الذي حافظ على أصالته في أعماله، عاش مولعا بالموسيقى، وكافح من أجل تحقيق أحلامه، صاحب الصوت الرخيم الصادح، هو رجل تعليم، عمل في نهاية السبعينات، كمحافظ في استوديو برنامج “مواهب”، المتخصص في اكتشاف المواهب الشابة، ولد سي محمد الغاوي بمدينة سلا في سنة 1956 ونشأ بها، من أصل أمازيغي وبالضبط من إقليم أزيلال، اهتم بالموسيقى منذ صغره، حيث التحق بفرقة “الجيل الصاعد” عن سن السابعة، ثم انضم لبرنامج “مواهب”، الذي كان يشرف عليه الفنان الكبير عبد النبي الجيراري، قضى الغاوي في البرنامج المذكور 10 سنوات، جاور فيها العديد من الفنانين، الذين سيشكلون النواة للجيل الجديد من الأغنية المغربية العصرية، كالراحلة رجاء بلمليح، البشير عبدو، وليلى غفران، وعز الدين منتصر، ومحمد بلخياط، وليلى الزهراوي.
صلة بالموضوع، شارك الفنان الغاوي عام 1979 في مسابقة “أضواء المدينة”، والتي تم تنظيمها من طرف الإذاعة الوطنية، حيث تمكن من الفوز بجائزة أحسن صوت رجالي، عن أغنية “مضناك جفاه مرقده”، للموسيقار المصري محمد عبد الوهاب، وكانت الجائزة هي أن تقوم دار الإذاعة، على تسجيل أغنية الفائز، حيث سجل سي محمد أغنيته الشهيرة والخالدة “الغربة والعشق الكادي”، من كلمات علي الحداني، التي تغنى بها جميع المغاربة، هذه الأغنية الرائعة كانت بدايته الحقيقية، في مساره الفني، حيث يملك ريبرتوار غني، نخص بالذكر، “أرض السلام”، و”مغربي من أرض الصحراء”، و”رضاك يا أمي”، و”الله يحفظك”، و”سامعني” و”محمد يا حبيب الله”، والقائمة طويلة جدا.
الفنان محمد الغاوي، هو فعلا رواد من رواد الأغنية المغربية، هو شخصية فنية من زمن جميل، هو قيمة فنية مغربية حقيقية، هو الذي جيء بكل ما هو جميل، كلمة ولحنا وأداء، هو ذاك الفنان، الذي يذكر اسمه، يستعيد الجمهور المغربي الذواق، حقبة مشرقة ومشرفة، يدوم مادام إبداعه خالدا.