عرفته رجلا بسيطا متواضعا نشيطا خفيفا ، نحيف البدن ، بشوش الوجه ، مسالم وديع ، لا يعادي احدا ، كل سكان الحي يعرفونه ويحترمونه ويحبونه ، يمزح مع الصغير و يناقش الكبير، انه محل الثقة ، كل اسرار اهل الحي لديه لكنه لا يبوح بها …
يتقمص ادوار مختلفة ، انه الحارس الامين والتاجر الصدوق والجار المخلص والصديق الوفي والحكم العادل والمربي الفاضل والمواطن الصالح ….
يتخذ من دكانه بيتا ، ومن حيه وطنا ، ومن زبنائه اخوة وأصدقاء ، كل همه اسعاد الزبناء وخدمتهم وتلبية حاجاتهم وتوفير متطلباتهم ، لا يبالي بألسنة الناس ولا بما يلقبونه به ” “داحماد” ….
لا يتوانى في خدمة حيه وزبنائه منذ اول ساعة في اليوم و لا يقتصر دوره على البيع والشراء بل يتجاوزه الى تقديم خدمات اجتماعية لسكان الحي ، فيقرض المحتاج وينصح الغافل ويواسي المكلوم ويؤنس المهموم ويصلح ذات البين …..
يضحي براحته وسعادته من أجل راحة وسعادة الاخرين ، دائما رهن الاشارة 24/24 بالليل و النهار في الاعياد والمناسبات لا يكل ولا يمل لا يرتاح ولا يمرض ….
صبور على الأذى ، متحمل للألم ، راض بالقليل لا يطمع في الكثير ،
كل سكان الحي يحبونه ويحترمونه ، يمازحه هذا ويداعبه ذاك ، وهو أيضا يبادلهم الحب بالحب والتقدير بالتقدير …
دكانه مفتوح دائما ولا يغلق الا عند الضرورة القصوى ، وغيابه يترك فراغ ويثير اهتمام اهل الحي ، الكل يسال عنه وعن احواله وعن سبب غيابه لانه ببساطة اصبح واحدا منهم …
يتفكرونه في الاعياد والمناسبات و يقاسمونه طعامهم و اطباقهم ، وهو ايضا لا ينساهم عند عودته من ” تامازيرت” فيجود عليهم بما جاد الله به من اللوز
و “اركان” و”اودي” و”تامنت ” أو غير ذلك ….
هكذا كانت علاقة البقال بأهل حيه ، وهذا هو النموذج و الاصل و قد لا يكون الامر عاما ولكنه هو الغالب ،
ولا زلت ، وانا أكتب هذه السطور ،اتذكر اسماء بعض هؤلاء الرجال “ابقالن” الذين اثروا في حياتنا باخلاقهم وحسن معاملاتهم وتحملهم لشقاوتنا وطيشنا بالملاح وفاس الجديد وبطويل وغيرها من احياء فاس…والمغرب بأكمله
لقد كانت لكل واحد منا مع هؤلاء ذكريات جميلة وطرائف ونوادر وحكايات مختلفة ، نظلمه ونخاصمه أحيانا ونمازحه ونلاعبه أحيانا اخرى ..
وفي النهاية نقول ان هذا الانسان قدم خدمات جليلة للمجتمع المغربي وأعطى من صحته ووقته ووقت عائلته من أجل تلبية حاجات الاخرين واسعادهم ،
فالشكر والتقدير والاجلال والاحترام لكل “بقال ” شريف خدم وطنه ومجتمعه والرحمة والغفران لمن غادرنا منهم الى دار البقاء .
تحية وتقدير لكل بقال يساهم في تنمية المجتمع.
اعلان
اعلان
اعلان