بقلم يونس لقطارني
لا يسعني بصفتي مواطنا وصحفيا مغربيا حرا الا ان اعرب عن استيائي من التصريح المهين والهجين واللامسؤول الذي ادلي به الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكي الذي مس كرامتي وكرامة وطني وشعبي .
لمثل هذا المعتوه وامثاله نقول لن ولن نقبل ان يتدخل «الآخر» أيا كان عنوانه أو اسمه او قوته العضمى في شؤوننا الداخلية، هذا بالطبع موقف مبدئي لا يختلف عليه اثنان، لكن ثمة ما يشير الى وجود «أصابع» خارجية بدأت تتغلغل في بلدنا الغالي ، بعضها على شكل أصوات هجينة بئيسة «معارضة» من الخارج، وبعضها على صورة «بزنس» سياسي يتولاه أشخاص معروفون لهم صلات بأجندات تسعى إلى تغيير ملامح المنطقة وإيجاد مناطق نفوذ لها في بلدنا، وأخرى جاءت في سياق مهمات «دبلوماسية» تأخذ طابع «الاستقصاء» لمعرفة الأوضاع في المغرب ، وتحاول أن «تدس» انفها في المجالات السياسية والإعلامية والاجتماعية والحقوقية وان تقدم «نصائحها» للبعض او تستدرجهم لتمرير تقارير تبدو مغلوطة أحيانا او إشارات غير مفهومة أحيانا أخرى.
من يقرأ ما نشره الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية فى تصريحه الاخير حول العدالة وحرية الصحافة و الريسوني لا بد وان يفهم ما تحمله تصريحاته من إشارات مغشوشة ملغومة لخلط الأوراق والدفع باتجاه «سيناريوهات» خطيرة سواء على صعيد مستقبل المغرب او علاقة الدولة بمواطنيها او على صعيد التحولات التي نشهدها، وما يمكن ان تفضي إليه من مآلات، والمقصود هنا يتجاوز «المهمة» الصحفية المفترض ان تكون مضبوطة بالدقة والمهنية الى « المهمة» السياسية التي تفوح منها رائحة التدخل والترويج لأهداف محددة وغير بريئة أيضا.
المسألة –بالطبع- تبدو مفهومة، فالآخر الذي فاجأته التحولات التي اجتاحت عالمنا العربي، ثم ما جرى بعدها من محاولات لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة، وصولا إلى تتويج «إسرائيل» شرطيا فيها، لا يمكن ان يبقى «متفرجا» على هذا المشهد ولا يجوز أيضا أن نفترض فيه حسن النية، فهو دائما يتوجه نحو بوصلة «مصالحه» وعليها يقيس حساباته وتدخلاته ومواقفه، وسنخطئ كثيرا إذا لم ندرك ذلك ونضعه في اعتباراتنا.
إذا أضفنا لذلك ما يتمتع به المغرب ، جغرافيا وسياسيا واقتصاديا ، من أهمية خاصة تتجاوز أهمية البلدان العربية والافريقية التي تسيطر عليها الصراعات وتحكمها المعادلات «الحذرة» فان محاولات الآخر للحضور في المشهد وربما التأثير فيه تبدو مفهومة أيضا.
المغاربة من الشمال الى الجنوب يتوافقون على رفض التدخل مهما كان نوعه وشكله ومستواه، لكن هذا الرفض لا يكفي لمنع «الدخلاء» هؤلاء من تمرير «أجنداتهم» بشكل او بآخر، مما يعني ضرورة التحول من منطق الإدانة الى منطق العمل الجاد «وتفويت الفرصة»، وهذا يحتاج إلى توافقات وطنية عملية مرتكزها الأساسي الخروج من دائرة «السجال» حول الإصلاح والتغيير والدخول فورا في دائرة «التنفيذ»،لإنتاج توافقات وطنية حقيقية تحرم «الآخر» وتمنعه من مد أصابعه إلى الشأن الداخلي لأنه –حينئذ- سيجد نفسه عاجزا عن فعل أي شيء.
لا أريد الدخول في تفاصيل ما يحدث، فهي معروفة لمن يتابع ما يدور في بلادنا و في محيطنا، لكنني أدعو بحرارة الى الانتباه لهذه التحولات والتدخلات التي لا تصب في مصلحة بلدنا، ولا تحتمل إلا تفسيرا واحدا، وهو ان ما نعجز عن فعله في مسألة التغيير والإصلاح الحقيقي سيترك للآخرين ان «يتدخلوا» فيه وفق مصالحهم لا مصالحنا الوطنية، وبالتالي فان فرضية «تفويت» الفرصة بكل ما تحتاجه من مواقف وقرارات وممارسات تبدو فريضة وطنية نتحملها جميعا، الحكومة والمعارضة والمجتمع بكل فئاته.