اعلان
اعلان
مقالات الرأي

التعاقد في التعليم: تناقضات ووعود كاذبة

اعلان
اعلان

 

 

اعلان

بقلم حنان رحاب

بدأت الحكاية بالقرار المشترك رقم 7259 في أكتوبر 2016، قبل أيام قليلة من إجراء الانتخابات التشريعية، وفي غياب انعقاد البرلمان الذي انتهت ولايته، وهو قرار وقعه وزير الاقتصاد والمالية آنذاك محمد بوسعيد القيادي في التجمع الوطني للأحرار، ووزير التربية الوطنية رشيد بلمختار التكنوقراطي، ودون اعتراض من رئيس الحكومة آنذاك عبد الإله بنكيران، الذي كان قد تسبب قبلها في تمرير مرسوم فصل التكوين عن التوظيف مستغلا العطلة البرلمانية، والذي كان قد أدى إلى سنة من احتجاجات الأساتذة المتدربين الذين كانوا يقضون سنة تكوينية بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.

هذا القرار المشترك الذي قيل حينها إنه قرار استعجالي ومؤقت لسد الخصاص الذي نجم عن قرارات حكومة بنكيران بفصل التوظيف عن التكوين، ثم حرمان أساتذة التعليم العمومي من العمل بالقطاع الخاص، مما أفضى إلى موجة غير مسبوقة من طلبات التعاقد النسبي، وهكذا تم قبول 11 ألف من المجازين في أواخر 2016 وبعدها بثلاثة أشهر حوالي 22 ألف أخرى كأساتذة يشتغلون عند الأكاديميات بموجب عقود.

اعلان

تنامت موجات الاحتجاج والمطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية، على غرار ما كان يقع سابقا مع العاملين بموجب الخدمة المدنية أو الأساتذة العرضيين، أو أساتذة سد الخاص، أو أساتذة التربية غير النظامية الذين كانوا يطالبون بالإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية. غير أن الجديد هو أن أعداد فئة الأساتذة المتعاقدين كانت من الكثرة بحيث تحولت إلى رقم صعب في معادلة الحركات الاجتماعية والحركات الاحتجاجية.

هذه الاحتجاجات أدت في مرحلة أولى إلى إصدار النسخة الأولى من الأنظمة الأساسية لأطر الأكاديميات سنة 2018، والتي احتفظت بإجبارية توقيع العقود مع الأكاديميات، قبل أن يتم تعديلها سنة 2019 بالانتقال الشكلي من صيغة الأساتذة المتعاقدين إلى صيغة موظفي الأكاديميات، ولكن دون الاستجابة للمطلب الأساس المتمثل في الإدماج في القانون الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية إسوة بباقي موظفي الوزارة الذين تم توظيفهم قبل 2016.

وباعتبار أن هذه الكتلة تضم حوالي 100 ألف أستاذة وأستاذ، كانت عرضة للتوظيف السياسي في الصراع بين الأغلبية الحكومية والمعارضة. وهو ما سيتبدى أكثر مع اقتراب الحملات الانتخابية وأثناءها.

والكل يتذكر أن السيد وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، كان يقدم نفسه وحزبه باعتبارها أكبر مناصري التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وقدم تصريحات في البرلمان وخارجه أعتبر فيها التعاقد جريمة، أما حزب الاستقلال فضمن برنامجه الانتخابي وعودا بالإدماج كل أطر الأكاديميات في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية.

حزب التجمع الوطني للأحرار الذي واجه المتعاقدين بتصريحات مستفزة حين بدء العمل بالتعاقد في 2016، سرعان ما سيتراجع للخلف، ويترك المواجهة خلال حكومة العثماني بين هذه الفئة وبين رئيس الحكومة المنتمي للعدالة والتنمية ووزير التربية الوطنية المنتمي للحركة الشعبية، وبقي متفرجا وكأن الأمر لا يعنيه، رغم انه كان مهندس صيغة التعاقد عبر القيادي بالحزب محمد بوسعيد الذي وقع القرار المشترك الأول، إلى أن خرج وزير المالية الأسبق محمد بنشعبون بتصريح في البرلمان، يعتبر فيه أن إدماج هذه الفئة لن يكون له أي تأثير سلبي على الموازنات المالية، وأنه لا يرى مانعا في إدماجهم.

وهو تصريح للأسف لم يلتقطه أحدـ إذ كان يمكن البناء عليه لنزع فتيل التوتر في القطاع.
ذهب بنشعبون، وبقيت وزارة المالية والاقتصاد عند حزب التجمع الوطني للأحرار، وانضافت له حقيبة التربية الوطنية.

وكانت النتيجة ضد كل الوعود التي قدمتها أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال لأطر الأكاديميات بإدماجهم عبر قانون أساسي لموظفي القطاع يوحد كل الفئات في نظام واحد.

بل تم تشديد حتى شروط القبول لاجتياز مباريات التوظيف في إطار الأطر النظامية لموظفي الأكاديمية.

لقد كانت هذه الأحزاب الثلاثة هي الأكثر لعبا بورقة الأساتذة المتعاقدين وصلت حد تقديم وعود مغرية ، ليس فقط بالإدماج، بل حتى الزيادة في الأجور بنسبة 50%، وحتى جزء من نجاحاتهم الانتخابية كان بسبب توظيفهم لهذه الورقة.

إذا كانت الدعاية الانتخابية جزء من الصراع السياسي والانتخابي، وإذا من العادي عدم القدرة على تحقيق كل الوعود الانتخابية خصوصا في الحكومات الائتلافية، فإن الانحطاط السياسي هو تقديم وعود كان من المعروف سلفا عند مقدميها أنه كاذبون فيها، ليس بسبب عدم قدرتهم على تنفيذها، بل لأن رؤيتهم التسليعية للقطاعات الاجتماعية تجعل سياساتهم أفقها هو تعميم التعاقد على باقي القطاعات، وليس إلغاءها.

إن التلاعب بمشاعر ليس فقط 100 ألف أستاذة وأستاذ بل 100 ألف أسرة تنتمي للطبقات الهشة، هو إسفاف سياسي وليس شطارة….

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى