اعلان
اعلان
مقالات الرأي

مدينة بوجهين (المغرب)

اعلان
اعلان

ولدت هنا وأعيش وقد أموت فيها، من أكبر المدن مساحة بالمغرب، وثالث أكبر مدن افريقيا، تعداد سكانها يصل إلى خمسة ملايين نسمة، مدينة الاقتصاد وعاصمة المغرب الاقتصادية، اشتهرت باسم آنفا، وببيت أبيض قرب مينائها الأطلنطي.
تعتبر الدار البيضاء مدينة الشهداء، شهداء المقاومة الصارمة ضد الاستعمار وضد الانتهازية، هي القلب النابض للمغرب، المدينة اصبحت اليوم لجميع الاطياف… من أهل فاس وجبالة وريافة والشلوح والعروبية وحتى صحراوة.
تعد مدينة مولدي مناخ معتدل يزداد سخونة ورطوبة لكثرة تلوث الوحدات الصناعية التابعة لها، أصبحت اليوم فارغة وخالية كأنها مدينة أشباح، لم يعد أحد يدور في رحى معالم كثيرة ومزدهرة ومناطق خاوية في أرجائها، البرج التوأم، ومسجد الحسن الثاني، ضريح سيدي عبد الرحمان، باب مراكش، قصر المدينة، ومينائها الأطلنتي ثم كنيسة القلب المقدس ثم شارع وساحة محمد الخامس، وكذلك كورنيش عين الذئاب وحي الأحباس وأيضا حديقة الجامعة العربية، وفضاء سندباد للترفيه…
تتميز كازا كما لقبها الإسبان ويرددها كل البيضاويون، بتناقضات صارخة، هناك أحياء الفيلات وأحياء الصفيح، بين أحياء المعاريف وسيدي معروف ووسط المدينة، وأحياء الحي المحمدي وسيدي مومن وسيدي البرنوصي، بين الترامواي والكوتشي والكرويلة، بين أسواق منظمة وأخرى عشوائية، بين السيارات الفارهة وسيارات مهترئة، بين الرقي والحضيض، بين موروكومول وأنفا بلايص… ومحلات بسيطة في أحياء شعبية مرموقة وقيسارية الحي المحمدي ودرب السلطان وسوق القريعة وسيدي مومن وطارق بسيدي البرنوصي، بين الهدوء والراحة والصخب والضجيج طيلة اليوم، سب وشتم وعربدة وسكر وتناول لمختلف المخدرات، صراعات، تعرف أيضا بالشعوذة والدعارة.
تضم الدار البيضاء أشخاصا أكثر بذخا، يلقبون (بكيوت) و(كيليميني) يقتنون ملابسهم وكل ما يحتاجونه من ماركات عالمية في محلات “الهاي كلاس”، وأشخاص آخرون أصليون لم يتصنعوا ولم يكن الغنى ليغير معدنهم الأصيل، هم أبناء وبنات الطبقة الهشة والفقيرة وحتى المتوسطة، كافح آبائهم وأمهاتهم في تربيتهم وتعليمهم وتوفير لهم ما يحتاجونه وفق امكانياتهم، وأوصلوهم إلى مناصب ووظائف وأعمال رقعت حياتهم إن صح التعبير، ورغم ذلك لم ينسوا أصلهم وحياتهم السابقة، يرتدون ويشترون ما يحتاجونه من
المحلات البسيطة والجوطية لتجعلهم وسيمين وجميلين.
غاب الصخب عن مدينة لقبت بألقاب عدة منها، الوحش، مدينة الفقراء، مدينة لا تنام لا بالليل ولا بالنهار، مدينة البيع والشراء والأكل في أسواق شعبية ضاربة في التاريخ، كدرب عمر وكراج علال والقريعة ودرب غلف العقل الإلكتروني الذي حير العالم بإبداعات المغاربة في عالم البرمجيات والقرصنة، أصبح ولازال من خلال شركات عملاقة عملت على استقطاب عدد من الشباب ليشتغلوا لديها.
زائرو مدينتي يولعون بها فيها سر خاص لا يعرفوه إلا من ولد وعاش وزارها فهي الدفء الخاص تألفها بسرعة، لكن في المقابل مدينة الدار البيضاء تصبح سوداوية بفعل ظواهر التشرد والتسول، والأزبال والمتلاشيات المترامية في كل مكان، وتكدس الحافلات وطوابير في انتظار الحافلة وكذا سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة، سرقة في واضح النهار ثم ازدحام واحتلال للملك العمومي، وتهور السائقين والسرعة المفرطة، غياب فضاءات الترفيه وقلصت المناطق الخضراء وانتشر وزحف الإسمنت، والباعة المتجولون وعلى الرصيف وفي الطرقات، وبالإضافة إلى المتسولين الأفارقة.
تعج مدينة الاقتصاد بكثرة التناقضات إذن، منها ما هو إيجابي كتطور البنيان والاقتصاد وسلبيات تزيد المدينة شرخا وقلقا وتقض مضجع الجميع، كآفات صعبة ومستعصية، يساهم فيها الأحزاب السياسية بدور سلبي حيث أنهم يتصارعون للوصول لسلطة دون القيام بخدمة المدينة، فهم لم يتفاعلوا مع الخطاب الملكي الهادف إلى جعل المدينة في مصاف مدن بلا دور الصفيح ونظيفة تواكب المدن المزدهرة العالمية.
يسير المدينة بعض المسؤولين الذين يلقبون ب “المافيوزيين” هم من أسباب الفوضى والنهب والفساد المنتشر بها بالإضافة إلى السهرات والحفلات والافعال الشنيعة، ومن المفروض أن تساهم الأحزاب في حل الأزمات لا أن تكون جزءا كبيرا.
تحتاج كازابلانكا استثمارا وروح مواطنة مسؤولة وإرادة محكمة ونبيلة، ترفع من تحدي تخطي تحديات ومشاكل مدينة لم يستوعبوا فيها المسؤولون كما المواطنون، أن المدينة تتطلع لرؤية مستقبلية تجعلها متطورة.
أرجو أن ترتقي مدينتي أكثر، وغيرتي أن تتقدم وتزيل التناقضات التي تقض مضجع الجميع، ملزمة مدينتي بأن تضع مخططا فيه غيرة وحبا، لجعل الدار البيضاء مدينة الاقتصاد والسياحة والثقافة.
أعتبر مدينتي فخر المغرب بالمقاومة والثقافة والسياحة والتجارة التي هي محركات الاقتصاد المغربي، فماذا عن مدنكم؟ أبدعوا مقالات تبرزون فيها تاريخ مدنكم، فالهدف رصد ايجابيات والسلبيات لإيصالها للمسؤولين القائمين على تسييرها لتطوير الإيجابيات وتجاوز وحل السلبيات، فالمغرب وطننا يجمعنا.

اعلان

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى