شهدت جماعة القنيطرة يوم 19 نونبر 2024 فوضى في انتخاب المكتب المسير للمجلس الجماعي الأمر الذي يعد قمة الانحطاط السياسي، ونقطة تحول كارثية في مسار المجلس. فبدلاً من أن تكون هذه العملية فرصة لتعزيز التعاون والشراكة بين الأعضاء، تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية والتلاعب الفاضح بالاتفاقات. عرض تشكيل بديل للمكتب المسير بدلاً من التشكيلة المتفق عليها ليس فقط خيانة للوعود والاتفاقات المبدئية، بل هو انعكاس واضح لغياب أي التزام أخلاقي أو سياسي من قبل الأطراف المعنية.
الأسوأ من ذلك هو أن هذه الممارسات تأتي بعد الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين منسقي أحزاب التحالف الحكومي، مما يفضح حجم التلاعب الذي يجري خلف الكواليس. هؤلاء المسؤولون لم يراعوا أي مصلحة عامة أو توازن سياسي، بل حولوا المجلس إلى أداة لتحقيق مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة، على حساب مصلحة المواطنين الذين يتوقعون من ممثليهم العمل بجدية وصدق.
لكن الصدمة الأكبر هي أن هذا المكتب الذي تم تشكيله على هذا الأساس لم يحظ بثقة الأغلبية، مما يوضح أن التسيير الفعلي سيكون بيد الأقلية. هذا الوضع ليس فقط مضرًا باستقرار المجلس، بل يساهم في تعميق الانقسامات الداخلية ويحول المجلس إلى مجرد ساحة صراع على السلطة، حيث تزداد الفرقة ويصعب اتخاذ أي قرارات هامة.
وما هو حجم الضغوطات التي مورست على السيد الشعبي حتى يغير وجهته من التحالف مع المعارضة (لمدة ثلاث سنوات) إلى التصويت مع الأغلبية في اللحظة الأخيرة؟ هذه التحولات تطرح العديد من التساؤلات حول طبيعة الضغوط وأطرافها، ومدى تأثيرها على استقرار المجلس وتوجهاته المستقبلية.
تكرار هذا النوع من السلوك المدمر يعني أن لا شيء سيقف في طريق الانهيار الكامل للمؤسسة السياسية المحلية. الثقة بين الأعضاء تآكلت بشكل غير قابل للإصلاح، والتعاون أصبح مستحيلًا. استمرار هذا العبث يجعل من جماعة القنيطرة مجرد مسرح للصراعات والمناورات السياسية الضيقة، ولن يكون هناك مجال لأي إنجاز حقيقي أو تقدم ملموس.