اعلان
اعلان
مجتمع

العمل التطوعي..في زمن كورونا

اعلان

بقلم فاطمة الزهراء بورعدة :

لا يمكن لأحد أن ينكر أهمية و مكانة العمل التطوعي سواء كان ذلك العمل يحمل طابعا ماديا أو طابعا معنويا و سواءا كان ممارسا من طرف مؤسسات و هيئات و تنسيقيات أو من طرف أشخاص و أفراد عاديين يبقى للتطوع نكهته الخاصة و طابعه المميز الذي ينفرد به عن باقي الأعمال و الأنشطة الأخرى التي تتخذ هي بدورها إتجاها آخر تماما، و كيف لا يكون مميزا و هو يرتكز على ركنين أساسيين يتمثلان في الإرادة ثم الحرية لا على الجبر و الإكراه.
و على هذا المنوال كان سيستمر حديثنا عن مفهوم العمل التطوعي و عن أهميته لو أننا كنا نمر بأوقات و ظروف عادية غير إستثنائية و مستمرين في عيش حياة طبيعية روتينية و لكن مع الأسف لسنا كذلك….لذلك فحديثنا عن العمل التطوعي هو الآخر لن يتم بشكل عادي، خاصة وأن الأنشطة التطوعية في ظل هذه الفترة الحرجة التي عاشتها بلادنا بل و عاشها العالم ككل لم تقتصر على مجرد توزيع القفف و المنتجات الغذائية الأساسية اللازم توفرها في كل بيت مغربي ولم تقتصر أيضا على مساعدة الأسر المعوزة و الفئات الهشة ماديا و معنويا، بل تعدته إلى ما يسمى “بالتعبئة و التحسيس الوطنيين”، و هذا ما تم التعبير عنه عبر العديد من مواقع التواصل الإجتماعي، حيث عملت ثلة من جمعيات المجتمع المدني على القيام بدورها و أكثر، سواء من خلال تنظيم حملات التوعية و التحسيس بخطورة الوضع أو عبر التذكير بالتدابير الوقائية اللازم إتخاذها أو من خلال توزيع الكمامات و الحث على استعمال المعقمات و تجذر الإشارة أن هذه المشاهد التطوعية لم تقتصر على المجال الحضري بل شملت المجال القروي كذلك.
و خير دليل على ذلك ما صرح به  الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش المجيد بالتاريخ الموافق ل29 يوليوز 2020 و الذي خصص جزءا مهما منه للمجتمع المدني و الدور الإيجابي الذي لعبه هذا الأخير خلال فترة الحجر الصحي،
و كيف أنه أشاد بروح التضامن و المسؤولية للمواطنين و المواطنات و مدى
حبهم للتطوع و لفعل الخير سواء على المستوى الفردي أو ضمن الفعاليات و المبادرات المشكورة للمجتمع المدني و كيف أننا عشنا مشاهد لا تنسى من التعاون و العمل التطوعي لفائدة الجيران و المسنين و الأطفال و الأسر المعوزة من خلال توزيع المساعدات و تقديم الدعم المادي و المعنوي.
خطاب  الملك محمد السادس كان بالفعل تثمينا لمجهودات المجتمع المدني بمختلف عناصره و مكوناته من منظمات و جمعيات و هيئات من كل فاعل سياسي إعلامي وحتى ثقافي فثلة مهمة من الفنانين اللذين أبانوا عن دعمهم خلال هذه الأزمة سواء من الناحية المادية عبر المساهمة في تنمية الصناديق التي خصصت لمخلفات جائحة كورونا أو من الناحية المعنوية و تجلى ذلك من خلال صناعتهم لفيديوهات توعوية تحسيسية بخطورة الوضع و مدى جديته.
إذن لا أحد بالفعل يستطيع إنكار و تجاهل هذه الأعمال التطوعية و ما كان لها من وقع إيجابي على وضعية بلادنا خاصة و أنها كانت نابعة من وازع إنساني أخلاقي و طني بالدرجة الأولى و من إرادة و حرية و قناعة، من تشبت بروح المواطنة التي أضحت الكثير من الشعوب والأوطان تفتقدها في وقتنا الحالي، فعلا لقد أدهشتنا مشاهد الحماس و العمل الدؤوب و التوعية و التحسيس و التعبئة بعيدا عن أي تراخ و صمت و لامبالاة….لكننا الآن دخلنا في مرحلة أخرى، مرحلة ربما بل أكيد هي أكثر خطورة و أكثر صعوبة من سابقتها.
فإذا عدنا إلى الوراء و تحديدا إلى مرحلة ما قبل رفع الحجر الصحي و في حقيقة الأمر فهي كانت مرحلة رعب و هلع لدى الجميع لكن تم التغلب عليها بفضل قرارات الحكومة المغربية و تدخل السلطات و تم إحتواءها بفضل المبادرات التطوعية و التلقائية للمجتمع المدني بمختلف مكوناته و عناصره.
لكن الآن أضحينا في حاجة ماسة لعودة و إحياء حركات و مشاهد العمل التطوعي التي رأيناها في السابق، و هذه المرة يجب أن تكون أكثر قوة و كثافة و الأهم أكثر إنتظاما، خاصة و أن هذه الجائحة لا زالت مستمرة و يمكن أن تطول أكثر على المواطنين و المواطنات، هذا فضلا عن ما سيكون لها من انعكاسات سواء على المستوى الإقتصادي، الإجتماعي و أيضا الثقافي…
لذلك آن الأوان لشد الفرامل و ربط أحزمة التنسيق و التعاون بين السلطات العمومية و مكونات المجتمع المدني لبزوغ مبادرات تطوعية أكثر نجاعة و أكثر فعالية و بالتالي سيكون لها وقع إيجابي واضح أفضل مما سبق.

اعلان

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى