اعلان
اعلان
مقالات الرأي

العرب عندما يتخلون عن فلسطين !

اعلان

 

من المؤكد أنه لا يوجد على ظهر الكرة الأرضية اليوم، كتاب سجل أعمال بني إسرائيل وسلوكهم الأخلاقي ومواقفهم التاريخية.

اعلان

إن قضية بني إسرائيل فريدة في تاريخ البشرية، ولا تشبه أي قضية من قضايا الاستعمار المعروفة قديما أو حديثا، بل هي من أغرب قضايا الصراع بين الشعوب، فاليهود الذين تميزوا بين شعوب التاريخ القديم بطبيعة الكفر والعصيان وارتكاب المنكرات وقتل الرسل والأنبياء، عاقبهم الله بتشريدهم في العالم، وإنزال العذاب بهم، في كل زمان ومكان وإلى يوم القيامة. ولكن حكمة الله اقتضت، أن يمنحهم فرصة الدهر فيتيح لهم العودة إلى البلد الذي أخرجوا منه، وإقامة دولة وسيادة عليه بالقوة والقهر، ليقيم عليهم الحجة مرة أخرى، بأن نزعة العدوان والإفساد فيهم لم تتغير، لتشهد عليهم بذلك شعوب الحضارات الحديثة، كما شهدت به شعوب الحضارات القديمة.

إن ما قامت وتقوم به العصابة الصهيونية، من إفساد في أرض فلسطين، قبل وبعد الإعلان عن قيام دولة إسرائيل سنة 1948، لا يمكن أن تعتبر احتلالا أو استعمارا من النوع الغربي التقليدي المعروف، لأنه على خلافهما، يهدف لاغتصاب الأرض وحدها، دون سكانها، الذين لا يجد وسيلة للتخلص منهم، إلا بالإبادة، والتخريب، والتدمير.

لم يعد يخفى على أحد، أن المسلمين في جميع أنحاء العالم، قد هالهم، وألمهم كثيرا موقف اللامبالاة، التي تقفه الدول الإسلامية عامة، والعربية خاصة، من الأعمال الوحشية، والدمار، والمجازر، دون تمييز ضد الرجال والنساء والأطفال في فلسطين.

اعلان

ولكن الواقع الأليم والمرير، الذي يعيش فيه العرب بطوله وامتداده وتكراره، يكاد يزيل عن العالم، الانطباع الذي أخذه عن تاريخ العرب، حيث لا يعرف اليوم عنهم، إلا حياة الترف، وقصص المجون، وتبديد المال في الملهيات، وتقليد الغرب في المظاهر، وشغف زعمائهم بالكلام والتنديد.

هكذا، فقد العالم العربي الجزء الأكبر من رصيده الحضاري والتاريخي، فعوض أن يستثمر ثرواته البشرية والاقتصادية والثقافية الهائلة، ليكون فاعلا قويا وأساسيا ومؤثرا في القضية الفلسطينية، للأسف قدم موارده ومصادر قوته جميعا، في طبق من ذهب ومجانا، للدول الغربية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، لتحقيق أهداف الكيان الإسرائيلي، على حساب الشعب الفلسطيني الأعزل.

فقد خسر العالم العربي معركة التعاون الإقليمي، من داخل جامعة الدول العربية وخارجها، وتخلى عن القضية الفلسطينية بطريقة غير مباشرة، وظهر ضعفه وهشاشة بنياته، وفقد وزنه في موازين القوة الإقليمية والدولية.

إن الإفساد الحالي للكيان الإسرائيلي، ليس له مثيل في التاريخ كله، ولا يمكن أن يكون صدر من بني إسرائيل قديما ما يشبهه، أو يقرب منه، لأنه اغتصب أرضا برمتها، من شعبها، وقتل، وأحرق، وعذب، وطرد هذا الشعب من أرضه، كما خرب، ودمر مدنا وقرى، واستعمل في ذلك أحدث أسلحة الدمار والتخريب، وتواصلت عمليات هذا الإفساد، أكثر من خمسين سنة حتى الآن، ولاتزال قائمة، وهي مصحوبة في نفس الوقت، بعلو كبير أي بسيادة وقوة ونفوذ سياسي، لا على أرض فلسطين وحدها، و لكن على دول الغرب قاطبة، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، و لم ينج من هذا النفوذ روسيا و الدول التابعة لها، التي تعترف بإسرائيل  وحقها في الوجود.

 

وفي ظل هذه “الصهيونية الجديدة”، لم يكتف حكام “إسرائيل” في التنكر لشروط السلام العادل مع الفلسطينيين، وإنما قاموا كذلك بشن أربع حروب على الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك استنادا إلى قناعة مترسخة مغتصبة لدى هؤلاء الحكام، مضمونها أن الصراع مع الفلسطينيين، هو صراع وجودي لا حل له، إلا بفرض الاستسلام الكامل على الشعب الفلسطيني، حسب تعبير رئيس الحكومة “الإسرائيلية” “الليكودي” بنيامين نتنياهو.

 

من خلال هذا التنمر الصهيوني، توقع الفلسطينيون إبان الحراك الشعبي، الذي عرفته عدة دول عربية أواخر 2010، أن القضية الفلسطينية ستستعيد وهجها القومي، وأحسوا بأنهم أصبحوا على مشارف فترة جديدة في مسيرة مصيرهم، تحمل في طياتها نسيم تغيير موازين القوى، وأفراح اصطفافات جديدة، سيكون الفلسطينيون وقضيتهم، الفائز الأكبر بعد أن تقبض الدول العربية بخيط إرادتها  وشرف كلمتها، بيد أنه تبين وبالملموس، أن قضية فلسطين غابت عن خطاب حراك الربيع العربي، مكتفية فقط بشعارات تنشد الكرامة والحرية والعدالة، كما عرف الملف الفلسطيني، تراجعا ملحوظا، لدى الصحافة العربية.

 

حتما ستنتصر فلسطين بالحق، على الاحتلال الصهيوني، وتفرض وجودها على الصعيد الرسمي والدبلوماسي العربي والدولي، وتمشي بخطوات وبكل ثقة، في اتجاه نيل الحرية والاستقلال، وتحرير أرض فلسطين الجريحة، وأن مقاومة الشعب الفلسطيني، سينجح بكل تأكيد على قيام دولته.

 

إن صراع الشعب الفلسطيني، هو صراع مع عدوه الأول الاحتلال “الإسرائيلي”، الغاصب لأرضه، والسارق لوطنه، ولن ينالوا من الدولة الفلسطينية، ولا صمود هذا الشعب الشجاع المكافح، مهما تكالبت قوى العدوان والظلم، وتآمرت بعض الشعوب العربية ضده، وفي مقدمتهم دويلة الإمارات، لن تنهار حصون الثورة والمقاومة، وستستمر حتى قيام الدولة الفلسطينية واحدة موحدة، عاصمتها القدس الشريف.

اعلان
اعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى